لا زال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل يطلق تصريحات يعتقد أنها نارية في الوقت التي هي بمثابة الدفاع عن نهج يمثل وجهة نظر حزبية أكثر مما هي تصريحات مسؤولة تعبر عن رأي دولة، فحديثه عن "أن الأزمة المتعلقة باستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري هي جزء من محاولة لخلق فوضى في المنطقة" حديث للاستهلاك الإعلامي ليس أكثر ولا يحمل أية مضامين سياسية تؤدي إلى حلول مفترضة، فالفوضى التي يتحدث عنها (حزب الله) عنصر رئيسي في حدوثها سواء في لبنان أو في المنطقة العربية وهذه حقيقة لا يمكن للوزير باسيل أن يتجاوزها بأي حال من الأحوال شاء أم أبى. كلنا يعرف الأنشطة والأدوار التخريبية التي يمارسها (الحزب) تنفيذاً للأجندة الإيرانية التي هي بكل تأكيد ضد أية مصلحة عربية، فمن العراق إلى سورية إلى اليمن تتنوع أنشطة الحزب الإرهابية لتقوض أي توجه لاستقرار عربي بل تعدت تلك الأنشطة مناطق التواجد الفعلي للحزب إلى مساعدة ذراع آخر لإيران في المنطقة العربية متمثلاً في الحوثيين الذين هم أيضاً يعملون وفق ذات الأجندة الإيرانية الإرهابية التخريبية، يساعدونه في إطلاق صواريخ إيرانية باتجاه الأراضي السعودية خاصة مكةالمكرمة قبلة المسلمين، والعاصمة الرياض مما يعتبر عملاً عدائياً بكل المقاييس. للأسف أن يكون حديث باسيل حزبياً أكثر من كونه وطنياً -يخدم مصالح لبنان العليا ويقوده إلى الأمن والاستقرار والازدهار وأن ينأى بنفسه عن ملفات المنطقة الشائكة- رغماً عنه مسلوب الإرادة واقعاً تحت تهديد سلاح (الحزب) المسلط فوق رؤوس اللبنانيين، وأن يقول باسيل: "إن سيادة بلاده ليست للبيع وإن لبنان سيرد على أي محاولة للتدخل الخارجي" فهذا أمر أكثر من جيد، ولكنه للأسف غير واقعي، فارتهان القرار (السيادي) اللبناني لسياسات (حزب الله) وإيران من ورائه يجعل من طرح باسيل بعيداً كل البعد عن الواقع الذي يعيشه لبنان منذ سنوات. لبنان في هذه المرحلة تحديداً لا يحتاج إلى تصريحات جبران باسيل بل يحتاج إلى الاستماع إلى صوت العقل والمنطق والانتماء الحقيقي.