يبدو أن ميشيل عون وتياره "الحر" لم يستوعبا رسالة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري (من الرياض).. فرغم توضيحات الحريري في اللقاء الإعلامي، ورسالته الواضحة على حسابه في تويتر؛ إلا أن (التيار) تجاوز حدود الأدب السياسي الذي يؤطر العلاقات الدبلوماسية، إلى تصريحات من الواضح أنها كتبت وفق أدبيات "الضاحية الجنوبية"، ويبدو أن تصريحات الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عززتْ غضب "التيار"، لأنها صدرت من الرياض أيضاً مؤكدة على أن الرئيس الحريري حر وليس قيد الإقامة الجبرية، فانطلق جبران باسيل بجولة أوروبية على الطريقة "القطرية" بحثاً عن مواقف توافق أهداف "التيار" وحليفه المليشياوي ضد المملكة.. تجاوز عون ووزيره باسيل الحدود بحديث الأول عن اعتبار سعد الحريري "محتجزاً" وأن هذا الاحتجاز هو عمل عدائي ضد لبنان، أو الثاني الذي اعتبرته صحفٌ لبنانية أنه بات وزير خارجية ل"حزب الله"، لا يعي جيداً أنه يتحدث عن المملكة العربية السعودية التي يفوق دعمها للبنان عمره السياسي، والحزبي.. شخصيات التيار الحر في الحكومة بدءًا من الرئيس عون ومروراً بباسيل وانتهاءً ب(الإعلام البرتقالي).. ساءها كثيراً حديث "الراعي" المرجع الروحي المهم للمسيحيين في الشرق الأوسط.. حيث غدا الرئيس بذلك وحده بلا غطاء مسيحي وهذا ما يفسر حالة التصعيد الغريب ضد المملكة. المملكة العربية السعودية في تاريخها لم ولن تتدخل في شؤون أي بلد، خاصة لبنان الذي ارتبط تاريخ التسوية السياسية التاريخية بها بمدينة الطائف السعودية، فالمملكة التي تعيش حالة من إعادة التنظيم للمشهد الاقتصادي، وتتبوأ مكانة متقدمة تليق بعمقها الاقتصادي، وأهميتها السياسية، ليست بحاجة اقتصادية أو سياسية للهيمنة على لبنان، بربط استقالة الرئيس سعد الحريري بقصص الخيال لإعلام "ولاية الفقيه" الذي يقتات على مِنح إيران المالية والعسكرية في الضاحية الجنوبية.. هذا الضجيج الذي يجمع الرئيس عون ووزيره باسيل بتوجيهات الحزب الإرهابي وزعيمه.. ليس جديداً بل إنه قديم متجدد بمشهد ظاهره الخوف على رئيس الحكومة، وباطنه من قِبله أجندة إيرانية تمعن في تحويل أجمل بلاد العرب ثقافةً وفناً وسياحةً إلى ثكنة عسكرية تحت إمرة "الولي الفقيه"، نعم يتجدد التحالف بينهما لينسف سياسة النأي بالنفس التي وافق الرئيس عون عليها في بداية التسوية.