الفساد من أكثر الكوارث المؤثرة في انهيار المجتمعات عندما تترك دون رادع، فهي كالسوس ينخر في المجتمع يكون بسيطاً ثم يستفحل فينهار أخيراً المجتمع كله، وعادة يبدأ من قمة السلم الهرمي لمؤسسات المجتمع والصغير يقلد الكبير سواء داخل المؤسسة من موظفيها أو خارج المؤسسة من قبل مؤسسات أخرى أو بتعاون آخرين وغيره.. يرتبطون معاً بمصالح مادية أو إدارية وكقاعدة عامة إذا أريد لمجتمع أن ينهار فإن ذلك الانهيار يبدأ من خلال مؤسساته، ولانهيار مؤسساته لا بد من انهيار بنائها المكون لها وهي القوانين والأنظمة، ولانهيار القوانين والأنظمة يتم ذلك من خلال زرع الفساد بنوعيه المالي والإداري في قمة الهرم الوظيفي لهذه المؤسسات، مما قد يسهم في تداعي الفساد وتقليد الأقل الأعلى منه فيصبح الفساد مألوفاً فبسهولة تنهار المؤسسات وإذا انهارت مؤسسات المجتمع انهار المجتمع بأكمله. وإذا كان من دول العالم الثالث أصبح لقمة سائغة للمخربين والعابثين الذين يبنى على أكتافهم الاستعمار سواء مباشراً أو غير مباشر، ولعل من أهم انعكاسات الفساد الإداري أو المالي الغلاء الفاحش، الطبقية، عدم تكافؤ الفرص، الصراعات، التنافس السلبي وأخيراً الظلم الاجتماعي. والفساد يعني إساءة استخدام السلطه سواء في المجال العام، أو النفوذ أو التهاون والمحاباة وكل ما يضر بالمصلحة العامة لتعظيم المصلحة الخاصة، وتعتبر المملكة إحدى الدول المنضمة لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد بنوعيه والذي أصبح يهدد استقرار المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً في العالم ويعرض التنمية وسيادة القانون المحلي والعالمي للخطر، وهذا جعل من التعاون الدولي أمراً ضرورياً. إن ما قدمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من جهود في الكشف عن مواطن الخلل للفساد إنما هو من أجل الإصلاح ومعالجة الكثير من آثاره السلبية الآن وما بعد، وهذه الخطوة الجبارة الشجاعة، ستساهم للتصدي بكل قوة وعزم ضد أشكال الفساد وأنواعه من تعسف واستغلال للنفوذ ومخالفة الأنظمة والخروج عليها واستغلال الصلاحيات من قبل بعض المسؤولين لما يحقق مصالحه الخاصة ومصالح أعوانهم وما يصرف من أموال في غير حقها من قبل المخالفين والفاسدين ومن خزينة الدولة وعلى حساب المشروعات التنموية وأموال المواطن.. وعلينا أن نقف صفاً واحداً ضد الفساد المادي والإداري ولدعم قيادتنا الرشيدة في التخلص من هذا الداء الذي يسري ببطء بين مؤسساتنا قبل أن ينهك مجتمعاتنا، وهذا الفساد ما هو إلا نتيجة لضعف الوازع الديني لتبرير مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. * أستاذ علم الاجتماع المشارك جامعة الملك سعود