لكل كائن حي على وجه الأرض مشاعر وإن اختلفت طبيعة ونوع تلك المشاعر وذلك كما أثبتته الدراسات العلمية. فالمشاعر هي مترجم روحي لكل ما تراه العين أو تسمعه الأذن، قد تكون ترجمة المشاعر بكلمة، نظرة، ابتسامة، لمسة، وقد تكون مادية بتقديم الهدايا للتعبير عن فرح، شكر، اعتذار... الخ. فالهدية هي وسيلة لنشر المحبة، مفتاح لمغاليق القلوب، صفاء النفوس، وموثقة للروابط الاجتماعية كما قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا). لكن ما نراه اليوم هو تحول مفهوم الهدية من رمزيتها إلى قيمتها، فالتفكير بإهداء أحدهم لم يعد بالفكرة السهلة ولم يعد الأمر مفرحاً كما من قبل نظراً لما وصل إليه أغلب أفراد المجتمع من تقييم للهدية من قيمتها، شكلها وطريقة إخراجها بغض النظر عن مهديها ومشاعره (وإن كنت أرى أن وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق التصوير كان لها دور في هذا التحول). وفضلاً عن ذلك صار البعض يقيسها بما يسمى ب (القدر) أي قيمته لدى الآخر، ومن وجهة نظري من رأى ما يهدى له هو تعبير من الطرف الآخر عن قدره فهو حتماً قبل بشكل غير مباشر بأن يكون كسلعة تباع وتشترى، قيمته مادية بحتة متناسيا ًأجمل المشاعر وما يربطه مع الآخر من علاقة. وبنظرة مغايرة لهؤلاء فأنا أرى كلما كان ما يهدى بسيطاً ودون تكلف كلما دل على عمق وصدق في كل شعور جميل. من المحزن أن يكون التعبير عن المشاعر غير المرغوبة أكثر سهولة من التعبير عن أسمى المشاعر من خلال هدية قد يتلقاها الآخر بمفهوم مختلف تماماً يجعلك تتذكر سعادتك حين شرائها وتجهيزها بحسرة. وأخيراً من جعل من هديتك مقداراً له بالمقياس المادي فأنت حتماً لم تكن تعنيه يوماً.