الحراك الذي يحدث في صندوق الاستثمارات العامة في العامين الأخيرين، والمتمثل في إنشاء العديد من الشركات داخل المملكة، أمر يستحق التشجيع والثناء. عشنا فترة من الزمن ونحن نطالب الصندوق أن يلتفت الى الداخل ليضخ أمواله في شرايين الاقتصاد المحلي، اذ أن ذلك أولى من العمل على اقناع المستثمر الأجنبي، واستجدائه أحيانا، ليقوم بذلك الدور. أذكر أن منتدى الرياض الاقتصادي، قبل حوالي عشر سنوات، خصص دراسة لمناقشة هذا الموضوع، حيث طرح موضوع الفوائض المالية وكيفية استغلالها واستثمارها بالطريقة الأفضل. كان من توصيات الدراسة أهمية النظر في إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة، ومراجعة آلية عمله، وكيفية ادارته لاستثماراته، والتي كان من ضمنها ضرورة الالتفات للداخل، وضخ جزء من أموال الصندوق واستثمارها داخل المملكة. توجه الصندوق هذا، يعتبر أمرا مهما، اذ ليس من المقبول أن نعمل جاهدين لإقناع المستثمر، سواء محليا أو دوليا، للاستثمار داخل البلد، وننشئ من أجل ذلك جهازا يعنى بتشجيع الاستثمار، في الوقت الذي يحجم فيه الصندوق عن الاستثمار في الداخل، ثم أن الاقتصاد الوطني بحاجة الى إنشاء العديد من الشركات التي قد يتردد القطاع الخاص في انشائها، إما بسبب ارتفاع رساميلها واحتياجاتها المالية، أو بسبب درجة الخطورة المرتفعة، وفي كلتا الحالتين فإن الصندوق هو الأقدر على التعامل مع ذلك. نقطة أخرى، وهي أن الصندوق، وبحكم ملكيته من قبل الدولة، هو الأقدر على توزيع استثماراته بين مناطق المملكة ومحافظاتها، لما لذلك من اسهام تنموي في تطوير تلك الأماكن، حتى لو اضطر الصندوق تحمل بعض التبعات التي قد تخرج عن حسابات الربح والخسارة. إن الإيجابية في هذا التوجه، تتطلب الالتفات الى نقطتين مهمتين والعناية بهما، أولاهما أن كبر حجم أموال الصندوق وتباطؤ الصندوق في استثماراته الداخلية في السنوات الماضية، أديا الى السرعة في إنشاء الشركات والدخول في بعض المشاريع، والسرعة في اتخاذ قرارات الاستثمار، رغم أهميتها أحيانا، لن تخلو من بعض السلبيات. النقطة الثانية، وهي مرتبطة بالأولى، أن تلك السرعة تتطلب اهتماما أكثر عند التنفيذ والمتابعة وبالذات حينما يزداد عدد الشركات التابعة للصندوق وتكثر مشاريعه.