الأطفال هم الذين يرسمون ذوق المجتمع، ورسوماتهم تعتبر بمثابة إستراتيجية التحليل العلاجي النفسي لفهمهم. يعتقد البعض أن هذا النوع من العلاج لا ينطبق إلا على من تتوفر لديهم القدرة الفنية، إلا أن هذا غير صحيح، فالعلاج عن طريق الفن يشجع في البداية على فهم مدلولات هذه الرسوم الرمزية إلا أنه باستدعاء الظروف التي تم فيها الرسم من الممكن الكشف عن المشكلة التي تواجه الطفل ومعناها بموضوعية متزايدة، فالفن هو انعكاس أو تمثيلات سيكولوجية للحالات والظواهر التي تجري في سياق وجودها الاجتماعي والطبيعي، وهو وسيلة يهدف الإنسان من خلالها إلى تحقيق توازنه النفسي وذلك بالتعبير عما في داخله من مدركات ومشاعر ومكبوتات وتمثيلات ظاهرة على الورق، والتي قد تصبح هذه المنتجات بشكلها النهائي مصدر دخل للطفل يوماً من الأيام. من الطبيعي أن يكون استخدام تكنيك الرسم غير مقتصر على الأطفال وإنما يمكن استخدامه أيضاً مع الراشدين كأسلوب للعلاج النفسي، وبخاصة أولئك الذين لا يرغبون الحديث المباشر عن مشكلاتهم وكذلك الأشخاص الخجولين، وعلى هذا يكون الرسم أداة مناسبة لإقامة الحوار وتحقيق التواصل مع كل الأشخاص على حد سواء، حتى أولئك الذين لا يجيدون الرسم. لذا يوصي بعض علماء النفس بترك كراسة رسم إلى جوار المريض في الجلسات العلاجية، ويعتقد أن الأطفال المتأخرين دراسياً، والانفعاليين، وذوي الاحتياجات الخاصة، هم في حاجة أكبر للتعبير الفني من الأطفال الأسوياء. وقد نوقش استخدام الرسم كأسلوب علاجي للأطفال سيئي التوافق في دراسات عديدة ويعتبر من الاستراتجيات الأكثر نجاحاً مع هذه الفئة.. فالرسم يعامل على أنه شكل من التنفيس يعبر من خلاله الطفل عن مشكلاته. إن المكبوتات يمكن لها أن تظهر عبر الرسوم بأيسر مما يعبر عنها في كلمات، ويفترض ذلك أن كل فرد سواء قد تدرب فنيا أو لم يتدرب يملك طاقة كامنة لإسقاط صراعاته الداخلية في صور بصرية تترجم حالته النفسية. وهذا النوع من العلاج ليس فقط شكلا لملء الوقت أو إعادة الثقة بالمعنى السائد او استغلال الطاقة الإنتاجية بل الهدف من العلاج الأكبر هو التعرف على الجسد والنفس من خلال الرسم، أما الإنجاز والإبداع فهو إنتاج جانبي. ان استخدام العلاج بالفن لرسومات الطفل وخطوطه وألوانه هو حديث غير ناطق يقدمه الطفل لإيصال رسالة احيانا تكون موجهة إلينا كمختصين وأحيانا تكون ضائعة المعالم.. فلو استطعنا أن نترجم ونفهم مدلولاته بطريقة جيدة سيضيف بعدا جديدا للتغلب على الاغتراب عند أطفالنا.