بدأ الإنترنت في الدول العربية عن طريق البوابة الأولى تونس ومن ثم المملكة العربية السعودية في فتره كنا متعطشين فيها لتواصل بشكل كبير. لكن مخاوفنا وقتها كانت أكبر، فالأغلبية كانوا يدخلون بحسابات وهمية بعيدة كل البعد عن هوياتهم الحقيقية لا من صورة ولا من اسم. فأنت تتواصل مع اشخاص حرفياً لا تعرف من هم ومن أي دولة وماهي خصائصهم الديموغرافية وهل المحادثة التي سوف تكون بينكم ستكون سوية مراعين فيها الاعمار والجنس والفكر ام لا كل هذا كان مجهولاً. فنتيجة لهذه الفوضى في الطرح والغموض الذي يصاحب المرسل والمستقبل كان من النادر ان تجد محتوى جيداً باللغة العربية وان وجد فسيكون مكرراً. دراسات وتقارير كثيرة تشير الى ان المحتوى العربي نسبته ضئيلة وضئيلة جداً وهذه النتائج تتناقض مع كثافة المستخدمين العرب على الشبكة العنكبوتية بشكل عام وعلى شبكات التواصل بشكل خاص. بعد البحث في طرق ومعايير التقييم للمحتوى العربي وجد أن الكثير من النتائج عند البحث بالعربي في محركات البحث المختلفة تكون مكررة. نفس المحتوى والأفكار ولكن في منتديات ومواقع مختلفة. رغم كثافه مفردات اللغة العربية وعدد مستخدميها حول العالم إلا أن المستخدم العربي يكتفي بالتناقل السريع بنفس الأسلوب والتفاصيل لنص نفسه عن طريق النسخ واللصق بهدف فقط زيادة عدد المشاركات والتواجد الدائم حتى وإن كان بشكل عشوائي. ومن المشاكل التي أثرت على نتائج البحث في المحتوى العربي هي استخدام البعض للغة العربية الفصحى والبعض يستخدم العامية والأسوأ من يستخدم (العربيزي) وهي استخدام الحروف الإنجليزية للكتابة بالعربية ومن هنا يفشل الرصد في وضع هذه النتائج في التصنيف. انتقلنا إلى حقبه ما بعد البدايات، إلى الاحتراف في استخدام شبكات التواصل وتنوعها وتنوع خصائصها وانتقلت معها كل المشاكل السابقة التي تشوه المحتوى العربي. مازال هناك فوضى لغوية بل زاد عدد المستخدمين الذين يعتمدون على (العربيزي) كمحاكاة لأبناء جيلهم. واستمرت الحسابات الوهمية التي تتناقل التغريدات ومقاطع الفيديو عن طريق النسخ واللصق دون مراعاة مصداقيتها. أما تطبيق سناب تشات فتحول إلى نافذة إعلانية للمطاعم والمحلات. ومن يتصدر المشهد كرواد للمحتوى العربي ما هم إلا ردة فعل لمحتوى أجنبي فقط قاموا بترجمته! وهذه العشوائية في المحتوى العربي خلقت فوضى معلوماتية مستحيلة التصديق. كم هائل من الرسائل تصلنا يومياً من خلال منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ولكن كم من هذه الرسائل يعتبر مميزاً ومختلفاً وغير مكرر؟ كم من هذه الرسائل محتواها عربي؟ بلا أدنى شك هناك فئة تسعى جاهدًا لخدمه المحتوى العربي وتقديم محتوى بصوره مختلفة لكنهم قلة. نحن في أمس الحاجة لتحويل المحتوى العربي من مرحلة الكم المتشابهة الفوضوية إلى مرحلة الكيف لنكون إضافة وفعل لا ردة فعل.