مللنا من الاستياء والسقوط في وحل النكد، وسئمنا استسلام انفعالاتنا لتعكر مزاج الحياة. فقد جسدت تلك المشاعر ثورة من التعاسة والكدر حتى حققت كامل أهدافها في تحطيمنا. الإنسان كائن ضعيف يقوم بالكثير من الشعور الذي يصاحبه في مستويات الحياة إما سعادة أو حزناً، أو منتجاً أحياناً الاضطرابات النفسية من مؤثرات خارجية تواجهه. القلق هو ردة فعل طبيعية على أي مشكلة أو مصيبة تواجهنا في ميادين وساحات الحياة وقد تكون ردة الفعل بسيطة وتسمى قلقاً مؤقتاً وقد يكون قلقاً حاداً ويسبب حالة من الخوف والاكتئاب. وفي الجملة هو مجموعة أحاسيس تقبض القلب وتحبط الطاقة والحركة. مشاعر القلق والاختناق هي مشاعر تصيب أغلب الناس بين الفينة والأخرى نتيجة لأشياء يفكر بها الإنسان أو تحيط به أو يستقبلها من الآخرين، فتثقل الكاهل جسدياً ونفسياً مؤثرة سلباً على مسيرة الحياة. وفي أحيان أخرى يكون القلق من مهام ومسؤوليات يجب تنفيذها أو إجهاد وتوتر أو خوف وعدم ارتياح من شيء معين. الغريب في الأمر أن القلق يتصدر قائمة من الأشياء التي لم تحدث بل يتوقع حدوثها. وقد يكون القلق رسالة خوف وتحذير من شيء يجب علينا الانتباه منه فينقذنا من ألم ودمار قد يحل بنا. وإن تم تجاهله عند ذلك تبدأ صراعات مع المعضلات ونكون في مأزق من عقبة النتائج. عندما نتحدث عن اضطرابات القلق فنحن نتحدث عن إحساس ضيق يرينا الكون كله بحجم قبضة اليد، تنقشع معه كل معالم الفرح والسعادة من حولنا وتتحول الحياة إلى عالم عديم اللون كفيلم بالأبيض والأسود يفتقد إلى جمال وسحر الألوان. يذكر لنا الكاتب "بريان دودج" في كتابه قواعد الحياة الجيدة أن الدراسات تشير إلى أن الناس مع هذا الأمر على قسمين: الأول لديهم وسواس قهري للقلق فهم يقلقون على كل شيء ومن كل شيء بداية بالتفاصيل الصغيرة ومروراً بالقضايا الكبيرة وانتهاء بالأمراض المزمنة، هؤلاء قلقون كئيبون لهم نظرة سوداوية للحياة ودائماً الأسوأ هو ما ينتظرونه في مجرى حياتهم. أما الصنف الثاني فيسير عكس هذا الاتجاه فهو متطرف غير مبال لا يلقي أي اعتبار لأي تحذيرات أو تنبهات ولا يبدي أي اهتمام أو قلق حيال الأمور الصغيرة والكبيرة، فهم مستسلمون للنتائج جيدة كانت أم سيئة، بمعنى آخر هم هامشيون في الحياة. ولكن ما الأمر الوسط والحالة هذه؟ الموازنة بين هذا وذاك بترشيح المقلقات اليومية واسقاط الجزئيات الصغيرة ويعتمد ذلك على مقاييس المرشح فهي تختلف في كل طبيعة إنسانية. فلنزد سعة تلك المسامات لإسقاط التافه الصغير والاهتمام بالكبير منها. لأن القلق والانزعاج المستمر المفرط لا شك يؤثر على الصحة سلباً ويغير الوظائف الفسيولوجية للجسم. أخيراً، قد لا يكون الإحساس بالقلق والتوتر -في أحايين عدة- شيئاً سيئاً فقد يكون محفزاً على التغلب على الخطر وقد لا تكون الأشياء التي تقلقنا مخيفة بالدرجة التي نتخيلها.. لنوفر طاقة أرواحنا للأشياء الكبيرة ونسقط ما يقلقنا وهو صغير، فأجسادنا أمان فلا نقسو عليها.