العالم التربوي المعروف روبرت فيشر يقول: "إذا كان إعداد الأطفال لمواجهة التغيرات السريعة في العالم هو أحد تحديات التربية، فإن تعليمهم التفكير بإبداع يصبح حاجةً ملحة"، وهو من تسجل له في عالم التربية مقولته الشهيرة: "علم ابنك كيف يفكر؟ كيف يقرأ؟ كيف يجادل ويناقش ويحلل وينقد ويقترح؟!". أدب الأطفال شكل من أشكال التعبير الفني يعرض في سياق منطوق أو مسموع أو مرئي في صورة قصة أو حكاية أو مسرحية أو أنشودة، يستهوي الأطفال ويمتعهم، ويحقق رسالته الجمالية، شأنه شأن كل "الفنون الجميلة"؛ فينمي فيهم الإحساس بالجمال وتذوقه، ويدفعهم نحو التفكير والابتكار وخلق الجمال بأنفسهم. وهنا يتجلى دور مؤلفي "أدب الطفل" في توظيف الإبداع وروح الدعابة والمرح وخبرات وتجارب البشر وتحديات ومتغيرات الألفية الجديدة، من أجل تعزيز اهتمامات المربين بهذا المجال، وإتاحة الفرصة أمام الأطفال لمعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم، وحب الاستطلاع ومحاولات الاستكشاف واستخدام الخيال، وإيجاد الدافع للإنجاز والتحرر من الأساليب المعتادة في التفكير، من أجل المزيد من المعرفة للنفس البشرية والعالم المتطور الخارجي، بما ينمي سمات الإبداع والطموح لدى الطفل. وفي المقام الأول، مهم إدراك أن أدب الطفل يختلف عن أدب الكبار الذي يقرأ كثيراً ويسمع ويشاهد أحياناً، لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بخصائص مراحل نمو الطفل المختلفة؛ ففي المرحلة الأولى أو الطفولة المبكرة (3 - 5 سنوات) تكون المشافهة والاستماع أكثر قبولاً وتأثيراً، وفي المرحلة المتوسطة (6 - 8 سنوات) تكون القراءة الممزوجة بالصورة هي المحببة في نفوس الأطفال، وفي المرحلة المتأخرة (9 - 12 سنة) تكون القراءة المجردة ثم الرؤية هي الوسيلة الأكثر تفضيلاً وإشباعاً لاحتياجات الطفل. ويضع مؤلفو أدب الطفل في اعتبارهم أنه أدبٌ بسيط في صوره وأخيلته ومفرداته، ويهدف عبر ألوانه المختلفة بعرضها سواءً مشافهةً أو مشاهدةً من خلال الوسائط البصرية المختلفة، إلى تسلية الطفل وإمتاعه وملء أوقات فراغه، وتعريف الطفل بطبيعة البيئة التي يعيش فيها وآراء وأفكار الكبار، وتنمية قدراته اللغوية وعدد مفرداته المكتسبة، والإسهام في نموه الاجتماعي والعقلي والعاطفي، والإسهام في تنمية ذوقه الفني والجمالي، ومساعدة الطفل في التعرف على الشخصيات الدينية والأدبية والعلمية والسياسية المؤثرة في تاريخ البشرية، وإكسابه الاتجاهات والعادات والتقاليد الاجتماعية السليمة، وترسيخ انتمائه إلى الوطن وتزويده بالمفاهيم الإنسانية الضرورية كالحب والتضحية والإثار ونسق القيم المرغوب فيه، وأخيراً تكوين ثقافة عامة لدى الطفل وإثراء فكره وفتح مساحات خصبة أمامه للتساؤل والتفكير وحل المشكلات والنقد البناء. وفي عصرنا المتسارع مع انطفاء همة متخصصي أدب الطفل وضعف مواكبتهم لثورة التقنية اليوم، يبقى السؤال الأهم، لماذا لا تؤلف حكاية لطفلك؟!