يشكل مقهى الإنترنت نوعاً من الارتباط المعرفي الوثيق لدى مرتاديه، وذلك في عصر استطاع أن يتجاوز من خلاله بالتقنية المتوفرة لديه، جميع مقاهي لعبة الطاولة والكوتشينة وخلافه. ولعل التسمية في حد ذاتها «مقهى انترنت» بحاجة إلى مراجعة دقيقة. حيث لا يمكن اعتبار مرتادي هذه المقاهي المعرفية مجرد مكان لتزجية أوقات الفراغ. ويظهر أنه بسبب مساحة الاستخدام الواسعة في مثل هذه المواقع فإن المشكلة الوحيدة التي يمكن أن تنشأ أو تلك التي تعاني منها مقاهي الإنترنت، هي احتقان الشبكة في أوقات الذروة مما يشكل الكثير من حالات التذمر لدى مستخدمي الإنترنت. ولقد بات انخفاض أسعار استخدام الشبكة في حد ذاته مكسبا حقيقيا حتى لموقع الاتصال نفسه فضلا عن المستخدمين. حيث أمكن مضاعفة نسبة الاستخدام عدة مرات من قبل الجمهور مما كثف من حجم تسويق المنتج للشركة نفسها، خصوصا وأن تكاليف البنية التحتية قد تم تغطيتها من أول مرة، ماعدا قيمة الصيانة والتحديث فقط. والتحديات التي تواجه أصحاب «مقاهي الإنترنت» فيما يتعلق بالشبكة الداخلية أو تلك المرتبطة ب دي اس ال أو ليزد لاين الخارجية، فإنها تنطوي على زخم تقني غير مسبوق. ولذلك يتم التعامل معها وفق معايير دقيقة تتوافق مع حجم التحدي نفسه. وفي إطار إساءة استخدام الإنترنت الذي يعتقد الكثيرون أنه يقتصر على الشباب وحدهم ويجب ألاّ تكون هذه النظرة مطلقة على فئة مرحلة اليفاعة فقط. فهناك شخصيات لايمكن تخيلها أو تصورها من حيث السن أو من حيث المركز الاجتماعي من كلا الجنسين، لكنها تسيء استخدام هذه التقنية بشكل مخجل، فتقفز فيه من أواخر العمر إلى سن المراهقة. ولاشك أن قرار مجلس الشورى الذي أقر ضد المخترقين بأنه تعد على الغير والذي يساهم في زيادة الاعتماد على الشبكة, قلل من روّاد المقاهي المحترفين ، فإن ذلك يشكل خطوة إيجابية في إضفاء شرعية الحصانة. لكن الخصوصية أو الحماية الفكرية والأدبية يجب أن تكون قياسية. بحيث تشمل جميع مناحي الحياة وجميع أجهزة الحاسوب في«مقاهي الإنترنت» وفي المنازل. ويرسخ في الاعتقاد بأن تحديات المستقبل المطروحة والتي تواجهنا فهي جزء من الإبداع والابتكار الذي نطلبه ونسعى إليه. وهي إحدى الوسائل المساعدة للتفتق الذهني والمعرفي. ولولا وجود تحديات مستقبلية جامحة في علم الحاسوب وشبكة الإنترنت لهبط مستوى البحث المعرفي في هذا المجال إلى الحضيض. وعليه، فنحن دائما على مستوى التحدي المطلوب. تبقى مسؤولية من هم القائمون على «مقاهي الإنترنت» ؟ وما هي معاييرهم ومواصفاتهم ؟ ونجزم بكل ثقة أن كل مستخدم للحاسوب بالمقهى هو مسؤول عن «مقهى الإنترنت». فلسنا في عصر المراهقة الفكرية والأدبية. فلقد تغيرت الدنيا وأصبح العالم من حولنا يخطو نحو الإبداع التقني والمعرفي ويرتفع عن الصغائر. ونربأ بأنفسنا أن يكون بين ظهرانينا من يجهل وازعه الديني والأخلاقي عندما يجلس إلى جهاز الحاسوب بالمقهى فنقوم بتوجيهه بصيغة التلقين والإرشاد. ذلك أننا في مطلع القرن الحادي والعشرين. وتبقى مطالب ملاك المقاهي، هي توسيع دائرة الاتصالات، وإعطاء مزيد من هامش الوصول إلى العالمية بغية الاطلاع ومعرفة الحقيقة، وبغية الحد من الاختراق غير المشروع.