بلغ إنتاج المملكة من وقود السيارات (البنزين) نحو 202.4 مليون برميل في عام 2016م، وبلغ إجمالي استهلاكها خلال نفس الفترة نحو 203.4 ملايين برميل، أي أن هناك عجزاً خلال عام 2016م يقدر بنحو مليون برميل تم تعويضه من خلال الاستيراد.. ويعد حجم استيراد وقود السيارات (البنزين) خلال عام 2016م متواضعاً مقارنة بالأعوام السابقة، حيث بلغ العجز نحو 49.5 مليون برميل خلال عام 2013م لعدة أسباب أهمها استمرار نمو استهلاك البنزين الرخيص جداً مقارنة بالأسعار العالمية، ومشاكل متعلقة بانخفاض إنتاج المملكة من وقود السيارات (البنزين) خلال عام 2013م. والملاحظ التحول الكبير في الفرق بين إنتاج واستهلاك المملكة من وقود السيارات خلال السنوات الأخيرة، فقد حققت المملكة خلال الفترة من عام 1999م إلى عام 2005م فائضاً بلغ حجمه نحو 69.1 مليون برميل، في حين بلغ إجمالي العجز من وقود السيارات (البنزين) خلال الفترة من 2006م إلى 2016م، نحو 207.8 ملايين برميل. هذا الوضع غير قابل للاستمرار، حيث دأبت المملكة خلال عدة عقود على استيراد كميات محدودة من وقود السيارات (البنزين) من بعض الدول مثل البحرين والهند خلال الفترات الموسمية، وأهمها فترة الحج التي يرتفع فيها الطلب المحلي على وقود السيارات.. لكن المملكة كانت تحقق فوائض خلال فترة ما قبل عام 2005م من وقود السيارات ويتم تصديره. وفي الفترة الحالية يعد سعر وقود السيارات (البنزين) أقل من الأسعار العالمية بنحو 5 مرات وذلك نتيجة الدعم الحكومي السخي الذي استمر لعدة عقود، لكن استمرار نمو الاستهلاك المحلي منه خلال السنوات الأخيرة يشير إلى وجود دلائل على تهريب البنزين خارج البلاد وبكميات تجارية.. لذا تسعى الحكومة إلى تحرير أسعار الطاقة في المملكة مع الحفاظ على مصلحة المواطن من خلال حساب المواطن الذي أنشاء لتعويض كافة المواطنين وبعدالة من أي تأثيرات محتملة على ميزانيتهم بعد تحرير أسعار الطاقة. أما بالنسبة للديزل، فيقدر متوسط سعر اللتر في الأسواق العالمية بحوالي 3,12 ريالات، بينما يباع في السوق السعودية بمبلغ 0.25 ريال، أي أن متوسط سعر الديزل في الأسواق العالمية يعادل السعر المحلي بحوالي 12,5 مرة. ويلاحظ أن أسعار الديزل في الأسواق العالمية أعلى من أسعار البنزين، والسبب في ذلك يعود إلى أن حجم الضرائب على الديزل أعلى، كما أن البنزين يمثل 51,4 % من مشتقات برميل النفط متوسط الكثافة، بينما يمثل الديزل 15,3 %. هذه الأرقام تفسر دوافع التهريب وأسباب سوء الاستغلال وهدر الطاقة النفطية في قطاعات النقل وإنتاج الكهرباء والمياه. حيث أدى انخفاض أسعار المشتقات في السوق المحلية إلى إصابة هذه القطاعات بخمول في تطوير وسائل الإنتاج الأكثر توفيراً للطاقة. في حين تمكّنت الدول الصناعية خلال الثلاثين سنة الماضية من رفع كفاءتها الإنتاجية وتطوير وسائل إنتاج تعتمد على مصادر أقل للطاقة، وبذا استطاعت استيعاب الارتفاعات الحادة في أسعار النفط خلال عام 2008م، ولم تتعرض إلى حالة من التدهور كما حدث خلال عامي 1979م و1980م. والسبب الرئيس لسعي حكومة المملكة إلى تحرير أسعار الطاقة بعد اعتماد حساب المواطن هو حماية مقدرات الوطن والمواطن على حد سواء. وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسته التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وعقدت يوم الثلاثاء 27 محرم 1439ه الموافق 17 أكتوبر 2017 م على نظام التجارة بالمنتجات البترولية، الهادف إلى تنظيم جميع أوجه النشاط التجاري المتعلق بالتجارة بالمنتجات البترولية، من استخدام وبيع ونقل وتخزين وتوزيع واستيراد وتصدير؛ ونص النظام على عدم جواز استخدام المنتجات البترولية التي سعرتها الدولة إلا وقوداً في عمليات الحرق، سواء كان ذلك في وسائل النقل أو في الصناعة أو غيرهما بحسب ما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام، ولا تستخدم المنتجات البترولية لقيم إلا بالسعر العالمي، وتتولى مصلحة الجمارك العامة تحصيل المبالغ التي تعادل الفرق بين السعر الذي حددته الدولة للمنتج المزمع تصديره وسعره في الأسواق الدولية، وتحويلها إلى خزينة الدولة، وذلك من الأشخاص المصرح لهم بالتصدير.