الإيجابية وهم، الإيجابية هروب من الواقع، الإيجابية مسكن للآلام، هذه الادعادات وغيرها غيضٌ من فيض مما يتعرض له من يتخذ من الإيجابية شعار يومه وديدن حياته. بالتأكيد الحياة ليست كلها طريقًا معبداً بالأزهار، وليست درباً ممهداً للحالمين، بل مليئة بالمطبات والنكسات، تلكم العقبات التي لا بد أن نتجازوها حتى نقترب مما نرغب، فنحققه أو على الأقل نكسب شرف المحاولة، أما أن نلقي باللوم على الجميع -حتى وإن كانوا هم المتسببون- فهذا لن يغير من الواقع شيئاً، ولن يجعلنا نتقدم إلى الأمام، بل قد نتراجع إلى الخلف دون أن نشعر، بينما لو تمسكنا بأي بارقة إيجابية في الموقف مهما كان سلبياً قد تفتح لنا أبواب لم نكن نتصور وجودها. حتى تكون شخصاً إيجابياً لابد أن تحيط نفسك بالإيجابيين، وإياك من مرافقة السلبيين، أولئك الذين يبحثون عن ثغرات أي فكرة، ويضخمون عثرات أي مجتهد، استفد منهم فقط بالاستماع الخاطف لانتقاداتهم، فقد يكون بعضها خطك السريع نحو تصحيح الأخطاء وتحقيق النجاح، ذلك لأنك دوماً -يجب- أن تؤمن أن هناك ضوءاً في نهاية الظلام، وأنت من لا يدع مخاوفه الداخلية تؤثر على حياته الخاصة والمهنية. الإيجابية ليس مجرد التكفير الإيجابي، بل منهج حياة شامل، يبدأ من طريقة التفكير، إذ لابد من إحلال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، فمثلاً بدلاً من التفكير بتجاهل زملاء العمل لك، لابد من التفكير بوسائل مخالطتهم اجتماعياً ومفاتيح التواصل معهم، ناهيك عن تبني الكلمات الإيجابية دوماً، مثل "أنا قادر"، "نحن نستطيع"، "هناك فرصة" وغيرها من التعبيرات التي توحي لك ولمن حولك بالإيجابية.. لأننا نحن أولاً من يخلق في عقولنا نمط التفكير بالمران والممارسة وبالتالي أسلوب الحياة الذي نرغب. لابد من التسامح وافتراض حسن النيّة في الآخرين، ومحاولة الاستفادة من الوضع الراهن -حتى لو كان سيئاً- لتحقيق النجاحات في المستقبل، أي التركيز على ما تريد وليس على ما لا تريد، فالفرص متعددة ولكن من يستطيع تميزها هو "الإيجابي"، وهو من ينظر للتهديد بوصفه فرصةً تستحقق الاغتنام. أيضاً "الإيجابي" لا يستمر أسير الماضي، ولا يبقى وراء قضبان الذكريات السيئة، بل يتجاوزها ويبقيها بعيداً عن حياته وقراراته اليوم، فهو يعرف أن مستقبله في الغد يعتمد على قراره اليوم، وليس ما واجهه أو تجرع سمه في الماضي، كتب التحفيز والإدارة مليئة بالعبارات الرنانة، وكثير منا قرأ تلك الكتب أو على الأقل سمع عنها، غير أن العبرة دوماً تكون بالتطبيق وليس التنظير. عبر تربية النفس على التعامل الإيجابي مع كل ما يحيط بها، وترويضها لتجاوز عقبات الحياة وهفوات المحيطين، حتماً سوف يزيد من الرضا الداخلي، والأهم من نسبة النجاحات وتكرارها... تذكر دوماً أن الإيجابية ليست خياراً بل منهج حياة، وأنت وحدك من يخلق إيجابيته ويسعد بها.