تستشرف المملكة مرحلة جديدة قد تكون مفصلية على صعيد الاستثمار ضمن إطار الرؤية 2030 التي يرجى أن تنقل المملكة إلى آفاق اقتصادية واسعة تتسم بالتنوع والجودة والشمول. ووفقاً لأبعاد ومرئيات مبادرة مستقبل الاستثمار التي تختتم أعمالها في الرياض اليوم حيث استضافها صندوق الاستثمارات العامة، برعاية خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – فإن هذا الحدث الاستثماري الذي يعد الأول من نوعه يمكن أن يغير نمط الاستثمار في المنطقة والكثير من دول العالم، ويضع المملكة والدول الخليجية على مشارف حقبة جديدة في مسارها الاستثماري والاقتصادي بشكل عام. وفي هذا الاطار تأتي أهمية الشراكات الاستراتيجية سواء كانت بين الشركات الوطنية الكبرى، أو مع الشركات العالمية الرائدة في مجال الاستثمار المعرفي، أو على مستوى دول المنطقة والدول ذات التبادل التجاري المشترك، وذلك بهدف توطين التقنية وتطويرها، وتوسيع نطاق الاستثمار، وتوفير الوظائف النوعية للشباب السعودي. إن رهان المستقبل يرتكز على توطين التقنية، وامتلاك زمام المبادرة فيها، من خلال تطويرها واستخدامها، وإعادة تصديرها في شكل سلع وخدمات ومنتجات تقنية قادرة على المنافسة، وأنظمة وحلول تقنية عالية الجودة، وبناءً على الرؤية السعودية 2030 فإن الشراكات الاستراتيجية يمكنها أن تحقق هذا الرهان، وتوفر الميزات التي تعزز القيمة المضافة للاقتصاد السعودي، وتضع جسراً للعبور إلى اقتصاد المعرفة، وتحقيق التنمية المستدامة، وصولاً إلى المجتمع المعلوماتي، ومن ثم إيجاد أعمال مساندة، وسلع ثانوية، واقتصاد رديف يمتلك ميزات مهمة أبرزها تطويق البطالة. السوق السعودي اليوم يبدو أكثر جذباً للاستثمارات الخارجية، نظراً لتوفير البنيات التحتية والتشريعات اللازمة، وضمانات الاستثمار، والبيئة المناسبة للتنوع الاستثماري، خاصة في مجال الطاقة النفطية، والشمسية والمتجددة وغيرها، فضلاً عن توفر وتنوع وسائل النقل وتعددها، بالإضافة إلى الموقع الإستراتيجي المرموق الذي تتمتع به المملكة في متوسط الكرة الأرضية، كما أن سوق الأسهم السعودية يعد من أكبر الأسواق في المنطقة، مما يعزز قدرة المملكة على جذب رؤوس الأموال، ويحفز على تدفق الاستثمارات، وإقامة الشراكات الإستراتيجية العالمية التي تعتبر دعماً وإضافة نوعية للتبادل التجاري، وليست بديلاً له، وهذا يرفع مستوى الاستثمار والجودة، ويعزز الميزة التنافسية. وأبرز ما يمكن أن تحققه الشراكات الإستراتيجية أنها تسهم في توطين الصناعات المتقدمة والتقنية الحديثة، وهذا قد يصاحبه تطوير للأنظمة والتشريعات الاستثمارية وتيسير الإجراءات، مما يحقق المصلحة المتوازنة بين أطراف الشراكة، سواء كانت دولاً أو شركات، وليس فائدة طرف على حساب الآخر، ومن شأن الإجراءات التنظيمية والتشريعية المتقدمة أن تضبط توازن المصالح وتعزز ثقة المستثمر، وتفتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات. وبناءً على ما تقدم تبرز أهمية الاستثمار في التقنية والمعرفة، وهو عنصر أساسي في أركان الرؤية السعودية، وأحد أهم محاور مبادرة مستقبل الاستثمار، مما يتطلب بحث آليات تهيئة المجتمعات لتواكب المتغيرات والتحولات التقنية المأمولة، وهو محور يعتبر مكملاً لإستراتيجية الاستثمار التي يتبناها صندوق الاستثمارات العامة، استجابة لأهداف ومضامين الرؤية الثاقبة 2030 التي تعتمد البنية التحتية الرقمية كأبرز العناصر في تطوير وتعزيز المحتوى المحلي ودعم الأنشطة الصناعية المتقدمة التي تتم فيها شراكات وتعاونات مثمرة بين القطاعين العام والخاص لإيجاد مستقبل صناعي أفضل ضمن مستقبل الاستثمار باعتبار الصناعة النشاط الاستثماري الأوسع. * الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات المتقدمة