لم يمضِ على الإعلان عن توقيع المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح أيام معدودة تساءلت في مقال سابق هل حماس فعلياً جادّة وستعود إلى رشدها وعروبتها مع هذه المصالحة وفي ظل التاريخ الفلسطيني خلال العقد الماضي والذي اختارت فيه حركة حماس أن ترتمي في حضن النظام الإيراني ولم تكن مندرجة ضمن الرأي العربي للحلول التي تمر عبر المؤسسات الدولية حتى أُعلن قبل أيام أنّ وفداً من حركة حماس برئاسة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة قد وصل يوم الجمعة الماضي إلى طهران للقاء مسؤولين إيرانيين، بحسب بما أكد مسؤول في الحركة. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إن الوفد رفيع المستوى ضم عدداً من أعضاء المكتب السياسي لحماس وسيجتمع مع عدد من المسؤولين الإيرانيين خلال الزيارة التي ستستغرق عدة أيام. وتابع أن الزيارة تهدف إلى "اطلاع المسؤولين الإيرانيين على اتفاق المصالحة الذي وقعته حماس مع حركة فتح والتطورات السياسية"، مضيفا أن الوفد سيناقش أيضاً "سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين حماس وإيران والتأكيد على مواصلة الدعم الإيراني المالي والسياسي وبالسلاح للحركة". وكان يحيى السنوار رئيس حماس في قطاع غزة أكد أن "إيران هي الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام" الجناح العسكري لحماس. من المعروف أنّ إيران ترعى الحركات السنية بناء على الاشتراك في رؤى ذات الطابع الراديكالي؛ فإيران التي تدعم الجماعات السنية من بينها حماس لأغراض سياسية؛ ولا خلاف حول أن الدعم السياسي شيء والدعم الطائفي شيء آخر، مثلاً وعلى سبيل المفارقات التي تستوجب التأمل لمن يحاول أن يقدم المبررات سابقاً لحماس لم يسألوا أنفسهم لمَ إيران تدعم الإخوان المسلمين في مصر أكثر من حزب الدعوة الشيعي في العراق؟! حماس التي أقامت بغزة إمارة إيرانية ترجع بكل انصياع إلى آية الله؛ ولا ننسى خطبة مشعل يوم 1 أكتوبر 2011م في إيوان خامنئي التي لم تكن سوى بمثابة تجديد ولاءٍ وطاعة، ولم يكن مشعل سوى موظف لدى ملالي إيران لا أكثر ولا أقل! مشكلة الحركات الأيديولوجية التي كانت تسوّق لنفسها على أنها حركات مقاومة، بينما وبحسب السلوك السياسي الذي يقوم به حزب الله أو تقوم به حماس مع فارق التدخل الدموي بين الحركتين أن هذه الحركات لم تكن سوى "دكاكين مقاولة" ذلك أن الاتجار بالقضايا الشعبية لأغراض سياسية وأهداف اقتصادية ومادية كان هو السلوك الطاغي على حراكهم وعلى مواقفهم، بدليل موقفهم من الثورة السورية تبعاً لراعيتهم إيران! حماس لديها أزمة داخلية ذاتية قبل أن تكون سياسية مع العرب وبعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة ومصر فهي تتوجس من هاتين الدولتين واختارت إيران ليس لأنها منبوذة كما يحاول أن يروّج لها المدافعون عن موقفها الإيراني وإنما لأن حماس ترى في إيران شكل النموذج الذي تتمناه حيث تؤسس إمارة إسلامية في غزة. عودة حماس للنظام الإيراني يبعث رسالة من جديد وهي التي تعلم جيداً أن الطريق للعودة للعرب لا يمرّ إلا من خلال المملكة وحماس على ما ستكشفه هذه الزيارة أنها لا تزال محلّك سر!