النقد جزء من الحياة وهو أمر طبيعي وضروري، فالكل يخطئ، وليس بالإمكان التحكم بأقوال الآخرين وأفعالهم ولا نيل الرضا عن كل ما يصدر منا ومنهم، ولا يمكن تجنب النقد إلا في حالات كما جاء في العبارة المنسوبة إلى أرسطو: «النقد شيء يمكن تجنبه بسهولة عن طريق قول لا شيء، وفعل لاشيء، وأن تكون لاشيء». المشكلة في النقد يواجهها كل من الناقد والموجه له النقد، فالناقد ينفعل ويتأثر عندما يكون الموضوع شخصيا وهذا يعيق التواصل، وقد يواجه بالغضب والاستياء حتى لو كانت نواياه طيبة وصادقة، وعندما يصعب عليه أن يعبر بوضوح عما نفسه وعقله تجاه موقف أو تصرف ما لأنه يشعر بالحرج أو لأنه يتفادى ردة الفعل التي تلقاها في مواقف سابقة عند إبداء رأيه وملاحظاته فإنه يجفل عن المصارحة، وغالبا ما ينعكس ذلك على مشاعره وسلوكه في تعامله مع الآخر فينشأ حاجز نفسي بينهما بسبب التراكمات، فيلجأ إلى طرق غير مباشرة وملتوية أحيانا لتوصيل أفكاره، وقد ينفجر الوضع بينهما دفعة واحدة وبطريقة مؤذية للطرفين في لحظة ما، أما الموجه له النقد فهو لا يحب أن يسمع الملاحظات السلبية لأنها تغضبه وتؤلمه وتحبطه وتدفعه للتهرب أو تضعه في موضع الدفاع عن النفس بالشكل الذي يظهر ضعفه خصوصا إذا نظر إلى النقد على أنه موجه إلى شخصه لا أفعاله أو أفكاره. وبالرغم من كون النقد أمرا طبيعيا فإن تقبله ليس يسيرا، بغض النظر عن مصدره ونوعه، فالنقد الموجه لطرف ما يعني أن هذا الطرف على خطأ وأن عليه أن يغير ما يفعله أو يقوله أو يفكر به، ومن ناحية أخرى لا يمكن أن تستقيم الحياة وتتحسن الأوضاع وتتطور الأعمال وتتحسن العلاقات بدون تعليقات وملاحظات وآراء وتقييمات، وما نجاحات كثير من البشر إلا ثمرة للنقد البناء. النقد المخلص شيء إيجابي حينما ننظر إليه على أنه وسيلة تساعدنا على زيادة وعينا بأنفسنا وبما حولنا وفتح أعيننا على أشياء لم ننتبه إليها ولم نعطها اعتبارا.