أوضحت أستاذ المحاسبة والتمويل الإسلامي المساعد ورئيس قسم المحاسبة بجامعة الأميرة نورة د. عائشة الصالح بأن السوق السعودي يشهد تغيرات جذرية ولعل من أبرزها ما طرأ على منهج عمل المحاسبة وأهمها نظام الحوكمة وتحول الشركات المدرجة لتطبيق معايير المحاسبة الدولية (IFRS) وفرض ضريبة القيمة المضافة (VAT) بواقع 5 % مع مطلع عام 2018م، وتحمل هذه التغيرات الجديدة في طياتها تحديات كبيرة منها ما هو إداري وفني وتشغيلي. مبينة أن من أبرز القضايا والتحديات في ضوء التغيرات هي ما يتعلق بالجانب البشري وإيجاد الكفاءات المؤهلة لسوق لم يكن بحاجة إليها من قبل، حيث لم تعتد الشركات على الإفصاح وفقا لمعايير المحاسبة الدولية أو الحساب الضريبي في قواعد المحاسبة الأساسية، وبالتالي يشكل دمج هذه العمليات تحديا كبيرا للعديد من الشركات وعلى وجه الخصوص الصغيرة والمتوسطة. مشيرة إلى إسهامات هيئة السوق المالية في مواجهة هذه التحديات مبتدئة بإصدار لائحة جديدة خاصة بحوكمة الشركات في المملكة والتي تميزت عن سابقتها كونها أكثر إدراكا لأهمية موضوع الحوكمة وأكثر تفصيلا ووضوحا. ولعل أكبر عوائق تطبيق مفاهيم حوكمة الشركات في المملكة فهم أنواع العضوية في مجلس الإدارة، وأهمية إسناد رئاسة لجنة المراجعة لمختصي المحاسبة فقط؛ حيث يمثل ذلك صمام الأمان لنظام الحوكمة وكفيل باكتشاف الكثير من مكامن الخلل. مؤكدة على أن اللائحة الجديدة تعد إضافة مهمة جدا للاقتصاد السعودي، وتطبيقها بجدية يمثل تحولا أساسيا في إدارة الشركات المساهمة وفي مستويات الإفصاح والشفافية. وذكرت بأنه قد صدرت -ولأول مرة في المملكة- قوائم للشركات المدرجة في السوق المالية الرئيسية بمعايير المحاسبة الدولية وكان ذلك في الربع الأول من عام 2017م، ويدل ذلك على أثر ما قامت به هيئة السوق المالية من خلال تشكيل لجنة توجيهية عليا للإشراف على نجاح تحول الشركات المدرجة لتطبيق معايير المحاسبة الدولية؛ حيث إن المتابعة المستمرة لمدى جاهزية الشركات المدرجة للتحول لهذه المعايير ومعالجة التحديات والصعوبات ساهمتا في نجاح الشركات في تجاوز العديد من العوائق المتعلقة بهذا الجانب. كما أوضحت ما تواجهه جميع المؤسسات والشركات في المرحلة المقبلة من تحدٍ جديد وهو الاستجابة لمتطلبات ضريبة القيمة المضافة وإجراء التغييرات المطلوبة لتنظم تخطيط موارد المؤسسات والعمليات التجارية. وخلال هذه المرحلة على الشركات وضع إجراءات تشغيل قياسية لجميع الأنشطة التي خضعت للتغيير، كذلك ينبغي للمختصين إدراك أهمية دورهم في تحقيق هذا الهدف. وقالت الصالح بأنه ربما يشكل تطبيق ضريبة القيمة المضافة فرصة لمؤسسات للتحول الرقمي وتحديث كامل أنظمة الشركة وترقية منصات تخطيط موارد المؤسسات (ERP) إلى أفضل الممارسات والتقنيات والتي تسمح للجهات حاليا ومستقبلا للاستجابة للمتغيرات والمتطلبات التنظيمية بشكل أسرع وأكثر كفاءة، حيث تعاني بعض المؤسسات حاليا من تكيف أنظمتها المالية لتلبية متطلبات ضريبة القيمة المضافة والفشل في ذلك قد يعرضها إلى غرامات مالية نتيجة لعدم قدرتها على الإفصاح عن الضرائب أو اضطرارها لدفع مبالغ فوق تلك المطلوبة منها. ونوهت إلى أهمية تقدير ما تقوم به الهيئة العامة للزكاة والدخل من دعم الهيئة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة من خلال فرق وورش عمل متخصصة، متزامنة مع تضافر جهود كل من الغرف التجارية والمكاتب المحاسبية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لنشر ثقافة الضريبة. خاصة بعد أن أعلنت الهيئة السعودية للمحاسبين مؤخرا عن إطلاق "شهادة أخصائي ضرائب معتمد" وهذا سيعمل على سد ثغرات كبيرة في سوق العمل وأيضا خلق وظائف جديدة لأصحاب الاختصاص في ظل هذه المستجدات. فيما ترى د. عائشة أن تلك التغيرات من وجهة نظرها -رغم التحديات- ممتعة وتسهم من جهة في تطوير الفرد المختص والارتقاء بنوعية الأعمال، وما نتطلع إليه هو انضمام الجامعات والمعاهد المحلية لهذا الحراك وإعادة النظر في البرامج التعليمية الحالية سواء أكاديمية أم مهنية لضمان مخرجات متوائمة مع متطلبات سوق العمل، وألا تكون مخرجاتها حجر عثرة على السوق والتنمية.