شكّلت الثورة الإيرانية -التي بدأت عام 1979- امتداداً لمشروع إمبراطوري مُنظم وضخم، تُرجم على هيئة أحزاب ومليشيات مُنظمة في مختلف الدول العربية. ورغم قدرة الثورة على إسقاط حكم الشاه، إلا أن الشعب الإيراني سقط في قبضة حكم ديكتاتوري محض يرأسهُ المرشد الأعلى للثورة المدعو روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، الذي ألبسها لباس الدين ليحقق من خلالها سياسته التوسعية التي جعلت من العنف والإرهاب شعاراً لها، لتصدير ثورته إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي. نشأة الحوثيين يمكن القول إن الظاهرة الحوثية هي حركة دينية ظهرت في الثمانينيات بمنطقة صعدة شمال اليمن التي يرجع أصلها إلى الفرق الزيدية الشيعية، وتطورت حتى أصبحت حركة سياسية في التسعينيات، وينتسب الحوثيون إلى بدر الدين الحوثي ومن أهداف هذه الحركة العودة إلى الحكم الإمامي، بعد زواله عقب الثورة اليمنية عام 1962، بحجة تمكين الشيعة من ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية، وكان لهذه الحركة عدة أنشطة ومشاريع دينية. ومنها إنشاء منتدى الشباب المؤمن عام 1992، على يد كل من محمد سالم عزان ومحمد بدر الدين الحوثي، بالإضافة إلى أخيه حسين بدر الدين الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي، وعبدالرحيم الحمران، وفي 1997، تحول المنتدى من مدلوله الفكري إلى مدلوله السياسي، وتفرغ له حسين بدر الدين الحوثي الذي ترأس التمرد في بداياته ولقي حتفه في السنة الأولى من التمرد على يد قوات الحكومة اليمنية. وبين عامي 2004 و2010، أعلن علي عبدالله صالح الحرب على الحوثيين ست مرات على التوالي بحجة زعزعتهم لأمن واستقرار اليمن من خلال حرب صعدة. وفي عام 2009، نشبت حرب بين المملكة والحوثيين بعد استشهاد جندي سعودي على الشريط الحدودي، وبدأت السعودية بتأمين حدودها من حركات التمرد الحوثي نتيجة لحصول عدة اشتباكات هددت أمن كل من البلدين السعودية واليمن. التهيئة والدعم عاصفة الحزم أفسدت مخططات ملالي إيران.. وصالح يخون شعبه كان الدعم الإيراني للحوثي في بداية الأمر دعماً فكرياً أكثر من كونه مادياً، وبين عامي 1999 و2004 حدثت أوسع عملية اختراق في المرافق الحكومية والسلطات اليمنية والجهاز العسكري، وصولا للتعليم. وكان أول ظهور ساخن عام 2002، عندما صعد حسين بدر الدين الحوثي للمنبر مُخاطباً الجمهور بخطاب حماسي في إحدى المدارس في منطقة مران، وأبرز ما تطرق إليه هو مزاعم الطغيان الأميركي والذل والهوان الذي تعاني منه الشعوب العربية والإسلامية، مُستعرضاً ما وصفه بموقف إيران البطولي في خدمة الإسلام ونصرته. ونشرت المستشارة الإعلامية في سفارة الجمهورية اليمنية سابقاً عايدة العلي، في أحد مؤلفاتها وثائق وأدلة عن طرق التعبئة لدى أتباع الحوثي التي جاءت عبر التعبئة المعنوية من حيث استغلال الحماس الديني لدى الشباب والفتيان، مستخدمة الآيات القرآنية في جهاد الكفار وقتالهم، بعد أن قاموا بالحيلولة بينهم وبين الضوابط العلمية لفهم الآيات وما ترنو إليه، بالاضافة الى التعبئة الكربلائية ويقصد بها، مجموعة من الخزعبلات، قام بتأليفها الكاتب علي الكوراني العاملي، وأهم ما تنبأ به ظهور ثورة ممهدة لظهور المهدي وأن قائدها يمني الأصل، ويدعى حسن أو حسين، لهذا تحمس الحوثي وأتباعه على نشر المؤلف ليدعم حركتهم نظراً لتطابق اسم زعيمهم حسين الحوثي مع ما ذكر الكاتب. كما كان الحوثي يهيئ للمعركة جغرافيا، فيقيم تحصينات منيعة في الجبال ويشجع أتباعه على اقتناء وجمع السلاح بكل طرقه غير المشروعة والاستعداد لمواجهة أي هجوم إسرائيلي أميركي أو من الحكومة. وعندما شعرت الحكومة اليمنية بخطر الحوثي وأدركت انه يمتلك كل مقومات الخطر الذي يهدد الأمن الداخلي، أوقفت المرتبات عن المدرسين المشاركين في الأنشطة التي نظمها الحوثي في يونيو 2004، واعتقلت السلطات اليمنية 640 متظاهراً من طلاب الحوثي في صنعاء ثم توجهت قوة للقبض على حسين بدر الدين الحوثي، بتهمة الانقلاب على نظام الحكم الجمهوري وإعادة الإمامة الزيدية. ولتصفية الحوثي كان لزاماً على صالح أن يخوض ستة حروب متتالية كانت هي فتيل الأزمة، وانكشفت من خلالها أجندة تقف خلف الحوثي وتدعمه لوجستيا بسخاء. وساطة مُغرضة دخلت قطر على خط الوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية لإنهاء الحرب، في حين صرحت الحكومة اليمنية بأنها لن تطلب من قطر التوسط لحل النزاع، لكنها ترحب بهذه المبادرة الأخوية ونفت وجود تدويل لقضية صعدة. وأثارت الوساطة القطرية المراقبين الدوليين؛ مما فسّر لهم انكشاف علاقة متطورة بين قطروإيران من تحت الطاولة، في حين ثبت للسعودية ملامح هذه العلاقة. ومن هنا بدا لقطر بداية طموح فوق مستواها وثقلها السياسي، وهو تسجيل أدوار إقليمية على حساب دماء الشعب اليمني البريء. وعلى صعيد آخر، أعلنت الحكومة اليمنية عن ضبط قارب محمل بمضادات للدبابات عليها خمسة إيرانيين لتقديم دعم لوجستي للحوثي وأعوانه. ونتيجة لتعدي الحوثي على الحدود السعودية فإن المملكة أعلنت الحرب. تقول المستشارة الإعلامية في السفارة اليمنية سابقاً عايدة العلي: المشروع الحوثي حسب التحليلات والمعلومات الاستخباراتية يقوم على فكرة إقامة شريط لهم على الحدود اليمنية - السعودية، بحيث يكون جانب منه على أرض السعودية. وهم بذلك يعتقدون أنهم حققوا أكثر من هدف، أبرزها توفير البديل الذي يمكّنهم من الحراك خارج الأرض اليمنية، معتقدين أن مشروعهم ستتوفر له مقومات النجاح، بيد أن المعطيات اللاحقة حولت الحلم الحوثي إلى كابوس عليه، عندما نجحت القوات المسلحة السعودية في طرد المتسللين وإخراجهم من المناطق التي شغلوها لساعات، تاركين خلفهم المئات من القتلى والجرحى والأسرى. وفي حوار مع وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي، بعد هجوم الحوثي على الحدود السعودية عام 2009 قال: الحوثيون يحاولون استفزاز السعودية وكان ردها متوقعاً، وندعو إيران إلى ترجمة مواقفها الرسمية لواقع ملموسا، مؤكداً حق المملكة في الدفاع عن أراضيها وهي لا تقوم بعمليات عسكرية في الأراضي اليمنية، بل على أراضيها لتحصين حدودها، لا كما يدعي الحوثيون؛ لجذب التعاطف والدعم الشيعي. ومما لا شك فيه أن علي صالح استفاد من تلك الحروب -ماديا- من أجل الحصول على دعم وإمدادات من السعودية ودول الخليج للحرب ضد الحراك الحوثي الإرهابي. وبسبب سوء تصرفه تجاه تمرد الحوثيين، اكتسب الحوثي وقتها الخبرة العسكرية من خلال الحروب الستة التي خاضها، وعندما بدأت ثورات «الربيع العربي» قامت ثورة الشباب عام 2011 في اليمن كنتيجة حتمية لفساد الحكومة، فاضطر صالح للتنازل عن منصبه الرئاسي بعد 33 عاماً من التفرد بالسلطة. واثناء الثورة، كان الحوثيون قد بدأوا التوسع في محافظة صعدة بفرض حصار على دماج، وباتفاق سياسي وفقاً للمبادرة الخليجية أعطي صالح حصانة من الملاحقة القضائية. خيانة صالح شرع صالح لإقامة علاقات وثيقة مع أعدائه القدامى «الحوثيين»، مستغلاً تنامي قوتهم للقيام بهجمات مشتركة ضد القوات العسكرية الموالية للرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي فور توليه الحكم مباشرة في فبراير 2012. قاوم الموالون للمخلوع صالح، باللجوء إلى نشر العنف وإحلال الدمار بالمؤسسات العسكرية والمدنية، مما جعل مجلس الأمن يصدر قرارا يهدد فيه بعقوبات على من يعرقلون المرحلة الانتقالية. الحوثي يتوعد السعودية في 26 فبراير 2015، ألقى عبدالملك الحوثي، خطاباً خصصه للهجوم على السعودية، وألمح لتعديلات في العلاقات الخارجية لليمن، وفي 12 مارس 2015، قام مسلحو الحوثيين بإجراء مناورات عسكرية ثقيلة الطراز على الحدود السعودية. وأعلن أحد أبرز القيادات الحوثية أن الحوثيين سوف يحررون نجد والحجاز وأن قواتهم جاهزة لمواجهة أي هجوم سعودي وأنهم لن يتوقفوا إلا في الرياض حسب زعمه. عاصفة الحزم من ناحية أخرى، استمر الصراع بين الحوثي وصالح ضد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلى ان بدأت عملية عاصفة الحزم في 21 أبريل 2015 بطلب من الرئيس اليمني ذاته في رسالة 24 مارس 2015، موضحاً فيها التدهور الشديد في اليمن بسبب أنشطة الحوثي التخريبية، ومدى خطورة الأوضاع الأمنية في الجمهورية وعلى الحدود اليمنية - السعودية جراء الأعمال العدوانية للحوثيين، المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على هذه البلاد وتكون خنجرا في خاصرة جزيرة العرب. مُطالباً الدول استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة (51) من ميثاق هيئة الأممالمتحدة، واستناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، تقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل اللوجستية والتدابير الدفاعية والوقائية اللازمة بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي. وفي 25 مارس 2015، أعلنت المملكة انطلاق عاصفة الحزم، بالإضافة إلى مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي عدا عمان، ومشاركة الأردن ومصر والمغرب والسودان، بتأييد من باكستان وأميركا. علي صالح حسين الحوثي