أقامت رعاية الشباب في أواخر السبعينيات من القرن الميلادي الماضي أول مسابقة رسمية للعبة الشطرنج في المملكة تمهيدا لتشكيل فريق سعودي يشارك في مسابقة الشطرنج في مهرجان الشباب العربي المقرر إقامته في مدينة الرباط، جرى التنافس بين الشباب السعودي في نادي الرياض الرياضي بالمربع، كان لي شرف الفوز بالمرتبة الأولى وزميلي الراحل عبدالناصر عسيري بالمرتبة الثانية، للحقيقة والتاريخ كان في المملكة من هو أفضل منا ولكن المسابقة اقتصرت على مدينة الرياض فقط. كانت مشاركة المملكة في مسألة الشطرنج شرفية لا تنطوي على أي مطامع بنصر كبير، كنا أقل من أن يقال عنا هواة، كل ما نعرفه عن اللعبة القوانين الداخلية فقط، ما كان أي منا يعرف أي شيء عن نظام اللعبة وقوانين التحكيم والمسابقات، دخلنا في صراع مع شباب محترف، بعضهم لعب في فرنسا وبعضهم لعب في روسيا، ومعظمهم عضو في اتحاد بلاده للشطرنج، حتى إن رقع الشطرنج التي كنا نستخدمها في الرياض نشتريها من محلات ألعاب الأطفال. من قوانين اللعبة أن يكون أمام كل متسابق ساعة، يقسم وقت المباراة بين المتسابقين بالتساوي، لكل متسابق ساعة من الوقت على سبيل المثال، إذا نقلت واحدة من قطعك يجب عليك أن توقف ساعتك فورا عن العمل لتبدأ ساعة خصمك بالجريان، لا يجوز لأي من الجمهور أن ينبهك إذا نسيت أن تقفل ساعتك واستغلها خصمك ليلعب في الوقت المخصص لك، لعبنا بكل براعة ولكن جهلنا بقانون الوقت جعلنا نتراجع إلى المرتبة الخامسة، على أي حال تعتبر هذه المرتبة نصرا عظيما للمملكة، أن تكون الخامس بين أكثر من عشرين فريقا محترفا شيء مميز. حتى إن المسؤولين في رعاية الشباب وعدونا بتكريم وتعهدوا بإنشاء نادٍ للشطرنج، فجاء تكريمنا وتكريم محبي الشطرنج فتوى تحرم الشطرنج جملة وتفصيلا. أقيمت دورة الشباب العربي التالية في المملكة، لا تستطيع رعاية الشباب إسقاط مسابقة الشطرنج من قائمة الألعاب بحجة الدين لأن جميع الدول المتسابقة مسلمة وتتوفر على فقهاء كبار، اضطرت رعاية الشباب أن تقيم مسابقة الشطرنج في صالة (صادة) في أحد الفنادق بدون جمهور ودون مشاركة فريق المملكة، من حسن الحظ أن تعلمنا من الدورة السابقة قواعد اللعبة، صرنا نقرأ كتب الشطرنج بالعربي والإنجليزي وعرفنا أن هناك مسابقات عالمية لهذه اللعبة، أتقنا أصولها بشكل احترافي نظري فشاركنا كحكام، بيضنا الوجه كلاعبين وبيضنا الوجه كحكام، بيد أن الصحوة تعاظمت ثم تعاظمت حتى أصبحت فتوى تحريم لعبة الشطرنج قشة في سيل الفتاوى الهادر فانشغلنا بما هو أعظم وأجل ونسينا الشطرنج إلى أن أيقظنا معالي الأستاذ تركي آل الشيخ بقراره التاريخي.