لم يكن يعلم ابن تلك الحارة الوادعة في قلب محافظة أحد المسارحة بمنطقة جازان، العداء يوسف المسرحي، أنه سيكون محط أنظار الملايين خلال مشاركته في مسابقة 400 م بأولمبياد لندن 2012. فمسرحي الذي عرف بخجله وهدوئه الكبيرين، يحلم اليوم ويحمل هم رفع اسم الوطن عاليا من خلال تذوق طعم "ذهب لندن" كما فعل في بطولتي آسيا وألعاب القوى العربي. الحائز على الميدالية الذهبية خلال منافسات ألعاب القوى بدورة الألعاب العربية ال12، أكد في حديثه ل "الوطن" من مقر إقامته الحالية في لندن، أن طموحاته لا حدود لها، متمنيا أن يمثل المملكة خير تمثيل، وأن يقتنص المركز الأول على مستوى العالم في مسابقته، على الرغم من وجود منافسين أقوياء من أميركا وجزر البهاماس. وحول تأثير الصوم على مشاركته في الأولمبياد التي تنطلق في العاشرة صباحا بتوقيت لندن (12 ظهرا بتوقيت المملكة) السبت المقبل، قال "مسابقتي التي أشارك فيها تحتاج إلى تناول الكثير من السوائل، حتى لا تتأثر العضلات بالجفاف، لذلك أعمل بفتوى إجازة الإفطار على أن أعوض هذه الأيام عقب الفراغ من المشاركة". وبين المسرحي أنه يقضي حاليا وبصفة يومية، ساعة ونصف الساعة إلى ساعتين في التدريبات، مؤكدا رضاه عن الاستعدادات التي سبقت المنافسات الأولمبية، وقال "بحمد الله لا أواجه أي صعوبات البتة، فالرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الأولمبية السعودية بقيادة الأمير نواف بن فيصل ورئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى الأمير نواف بن محمد، وفرا لي كافة سبل النجاح، كاستقطاب أفضل المدربين العالميين، ولم يبق سوى توفيق الله عز وجل ودعوات الجميع لي في هذا الشهر الكريم، حتى أرسم البسمة على شفاه السعوديين بشكل خاص والعرب بشكل عام بإنجاز تاريخي". وحول المقارنة بين وضع العدائين السعوديين ونظرائهم من مختلف الجنسيات ومدى الاختلاف في الحوافز المالية، أوضح أن ما يميز العدائين العالميين وجود شركات كبيرة تعمل على رعايتهم من خلال توقيع عقود توفر لهم رواتب شهرية ومدربين وملابس وحوافز حال تحقيق الإنجازات حسب أهميتها، موضحا أن تلك الرعاية جعلت الاتحادات التي يقع تحت مظلتها اللاعبون، بعيدة عن أية معاناة أو أعباء مالية، معتبرا الرئاسة العامة واللجنة الأولمبية واتحاد القوى السعودي الأكثر دعما للعدائين في ظل غياب رعاة للأبطال السعوديين. وعاد ليؤكد المسرحي أن هناك اختلافات أخرى كثيرة بين العدائين السعوديين ونظرائهم من مختلف الجنسيات، تكمن في الفكر الرياضي المتميز والإصرار والعزيمة والاجتهاد والمثابرة والالتزام والدقة المتناهية في مواعيد التدريبات، والتقيد بالنوم والغذاء، والابتعاد عن السهر، فضلا عن العناية التي يجدها العداءون الآخرون منذ الصغر وبناء مواهبهم بأكاديميات ومدارس خاصة، ما يجعل لهم شخصية مختلفة حتى وإن شاركوا في كبرى البطولات للمرة الأولى. وعرج مسرحي على وقفة المقربين منه، قائلا "إن هناك مشاعر طيبة من المحيطين بي، لكنها ليست بذات الوقفة التي يستحقها مشارك في أولمبياد عالمي، يحظى بمتابعة الملايين". وامتدح الوقفة المعنوية من أبناء منطقته والرياضيين في المملكة، عبر السؤال والمتابعة والاتصال اليومي به للاطمئنان عليه، لافتا إلى أن ذلك كان له أكبر الأثر لديه، وأن ذلك منحه حافزا أكبر لرفعة راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وشدد المسرحي على أنه بعيد تماما عن أي ضغوطات، وأنه يشعر براحة كبيرة في القرية الأولمبية، حيث يقيم الآن، مبديا سعادته بتمثيل الوطن في هذا المحفل العالمي. ولم ينس المسرحي أن يشكر رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى الأمير نواف بن محمد الذي كانت له نظرة ثاقبة حينما شاهده في أول بطولة يشارك فيها عام 2007 بمكاو، وتأكيده على أنه سيمثل الوطن بكل اقتدار في سباق 400 م بكبرى المسابقات العالمية، وهو ما تحقق فعلا على أرض الواقع. وفيما يتعلق بالبدايات، أكد المسرحي أنه ما زال يشعر بحنين لتلك الفترة، ولمكتشفه الأول معلم الرياضة بالمدرسة علي قاسم فقيهي.