عادت تقارير الأممالمتحدة المغلوطة للواجهة مرة أخرى وتعالت الأصوات المندّدة بالتقرير الذي أصدرته الأممالمتحدة في الآونة الأخيرة بشأن اليمن، بسبب تضمنه ادعاءات حول ارتكاب دول التحالف العربي لاستعادة الشرعية انتهاكات ضد أطفال اليمن، وركّز التقرير على انتهاك حق الطفل، وابتلع كثيراً من الدعايات الحوثية المضللة، وطبعاً إعلام المخلوع حول الملف الإنساني، فيما أكد نشطاء إعلاميون في اليمن اختراق نشطاء من الحوثيين والمتعاطفين معهم للمؤسسات المنتمية لفكرة حقوق الإنسان. وخطورة هذه التقارير، هي أنها مبنية في الغالب على رأي الحوثيين وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والخطر الآخر هو أنها تكون مقدمة وتهيئة لقرارات سياسية أممية. وأكد د. فهد الشليمي، المحلل السياسي والمستشار الأمني، أن تقارير الأممالمتحدة في الحروب والنزاعات عالية الحدة والحروب الأهلية تكون "غير منصفة وغير دقيقة"، لأنها تعتمد على مصادر موجودة على الأرض ولكن هذه المصادر تابعة لأحد طرفي القتال، فمثلاً "عدد الإصابات في المستشفيات فإن الأممالمتحدة تأخذ الرقم وهي لم تشاهد هذه الإصابات وقد يكون مدير المستشفى تابعاً للحوثيين أو لحزب المؤتمر اليمني وخصوصاً في صنعاء". ولفت الشليمي في تصريح ل "الرياض"، أن أطقم الأممالمتحدة التي تعتمد عليها من واقع خبرة تسمى "الطاقم المحلي" وهذا الطاقم يكون غير نزيه لأنه يتبع لأحد طرفي القتال، لذلك فإن التقارير غير دقيقة وتنقل من أطراف يعتقدون أنهم محايدون ويؤدون عملهم بنزاهة وهذه الأطراف إما مؤدلجة أو مسيسة أو ذات مصالح. وأضاف، أن بعض المنظمات الدولية تجامل بحكم أنها في إقليم جغرافي تحت سيطرة الانقلاب وخصوصاً العاصمة صنعاء وبحكم ارتباطاتها فهي تتنازل عن مبادئ الأممالمتحدة. ونبه أن التقرير المقبل في مارس 2018، يجب أن تسبقه جهود دبلوماسية لإيضاح الحقائق وعلى الدولة التي لديها النزاع "اليمن" أن تتحرك بفعالية أكثر في تقديم الحقائق الواضحة، ولا ننسى أن المنظمات الدولية تعمل للضغط على دول التحالف للكسب المادي أو تقديم تنازلات أو تسهيلات. دور منحاز من جهته أكد المحلل السياسي د. محمد القحطاني، على أن دور هيئة الأممالمتحدة في اليمن ضعيف ومنحاز مع الانقلابيين والمخلوع صالح، وهناك أمور كثيرة تثبت ذلك فمنذ تسلم منسق الأممالمتحدة المقيم للشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكفرلد ريك مهام عمله عام 2015 قام بتجاهل التواصل مع الحكومة الشرعية في عدن وفضل التواصل مع المليشيات الانقلابية بحكم تواجده في العاصمة صنعاء وبحكم تواجده في مناطق الانقلابيين فإن هذا الوجود أثّر على حياديته ولذلك صدر التقرير السنوي مغلوطاً وغير منصف ضد التحالف، مشيراً إلى أن هناك معلومات ميدانية تنبه بأن الموظفين الأمميين لا يتحركون إلا وفق تعليمات أمنية مشددة تديرها قوى الانقلاب. وأوضح د. القحطاني، أن المعلومات والإحصائيات الواردة في التقرير غير دقيقة وأنها مظللة وعارية تماماً عن المصداقية ومخالفة للحقائق على أرض الواقع، وفِي نفس الوقت تجاهل ما قام به الانقلابيون من كوارث ومقتل مئات الأطفال وتشريد آلاف الأسر وكان من المفروض أن تدين الأممالمتحدة الانقلابيين على ما يقومون به من أعمال إجرامية ضد شعب اليمن وخاصة الأطفال الذين يستعملونهم كدروع بشرية في الحرب وأكبر مثال على تقاعس الأممالمتحدة عدم تنفيذ قرار الأممالمتحدة 2216 الخاص بالقضية اليمنية. وقال: إننا لا نستغرب هذا الموقف من هذه المنظمة الدولية فقط أصبحت مكشوفة وهي تكيل بمكيالين بهدف زعزعت استقرار الدول العربية والإسلامية وأصبحت هذه المنظمة تعاني من فشل وفساد يتغلغل فيها. ولفت د. القحطاني، أن هذه المنظمة بحاجة الى إصلاح فهناك قضايا كثيرة تهم العالم العربي والإسلامي تتجاهلها ولا تهتم بشأنها مثل قضية فلسطين والقضية اليمنية والسورية وغيرها من القضايا الإسلامية. وأوضح أن تقاعس هذه المنظمة وغياب مؤسساتها الإنسانية والإغاثية أصبحت معروفاً ومكشوفاً للعالم أجمع على أنها منظمة هزيلة وتدار بدول أخرى لها مطامع وأهداف باستغلال هذه المنظمة بتحقيقها. وزاد د. القحطاني، عندما تقلد الأمين العام الجديد أنطونيو غويترس منصبه شهدت الأممالمتحدة اضمحلالاً وتقاعساً وخذلاناً وأصبحت رهينة التقارير المغلوطة وهي بذلك شوهت إنجازات التحالف العربي وتتستر على جرائم الحوثيين. وناشد دول التحالف خاصة اليمن لما لها من دور محوري أن تقوم بتكثيف الجهود لإبراز ما جاء في هذا التقرير من مغالطات وملاحظات والتي تم رصدها عن طريق كافة وسائل الإعلام، وتوضيح هذه الأخطاء وعن طريق عقد ندوات ولقاءات في المحافل الدولية وكذلك عن طريق الكتاب والمفكرين والهيئات الدولية، وفِي نفس الوقت القيام بإبراز المواقف الإيجابية التي تقوم بها دول التحالف واهتمامها بالإنسان اليمني وأكبر مثال مركز الملك سلمان الإغاثي الذي أنشئ من أجل الشعب اليمني والدور الكبير الذي قام به المركز من معونات ومساعدات للشعب اليمني وخاصة الأطفال وأكبر من ذلك هو قيام عاصفة الحزم من أجل إعادة الشرعية اليمنية وزرع الأمن والاستقرار للشعب اليمني. تحامل وتعامٍ فيما يرى د. عبدالله الشمري (محلل سياسي)، أن (عاصفة الحزم ) تمثل حالة استثنائية في العلاقات الدولية فالمملكة وبعض الأشقاء الخليجيين تحملوا الكثير سياسياً واقتصادياً دعماً لليمن وكان قرار الحرب الاضطراري استجابة لطلب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، ولنصرة الشعب اليمني الشقيق في مواجهة الجماعات الانقلابية المدعومة من إيران والتي تنصلت من التزاماتها وقامت بالاعتداء على مؤسسات الدولة وفجرت بيوت المعارضين لهم دون رحمة، فجاء قرار نصرة الشرعية لمنع التردي الحاصل في الأوضاع الأمنية والإنسانية في اليمن. وأوضح الشمري، أن موقف المملكة ودول التحالف العربي لم يكن موقفاً مصلحياً بقدر ما كان موقفاً يتماشى مع القانون الدولي وكما هو موقف مبدئي وراسخ وينطلق من الإيمان، بأن أمن واستقرار اليمن هو جزء أصيل ومهم، ليس لأمن شبه الجزيرة العربية فقط، بل لأمن المنطقة بأسرها، لذا كانت المواجهة العسكرية خياراً حتمياً فرض عليها فرضاً، بعد استنفاد كل الخيارات وفي ظل تعنت الجماعات الانقلابية، وإضمارها الشر والسوء بأبناء اليمن ودول المنطقة. وقال: طوال فترة عامين ضحت المملكة بالكثير وهدفها فقط تحقيق آمال الشعب اليمني وسنظل على العهد، إلى أن يلقي من رفع السلاح سلاحه، ويتوقف من انقلب على الشرعية عن أطماعه، وينهي من احتل مؤسسات الدولة احتلاله، لضمان أن يكون الوضع السياسي مهيئاً لتوحيد أطياف الشعب اليمني، عبر حوار وطني بنّاء قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن 2216 والذي يعتبر الأساس لإنهاء الأزمة اليمنية، ومنذ بداية عاصفة الحزم والرياض تنسق مع الأممالمتحدة بكل شفافية ووضوح. ولفت أن المملكة ودول التحالف لم يتأخروا يوماً ما في بذل الجهود الإنسانية بصورة مباشرة وعبر مؤسسات ومكاتب الأممالمتحدة لمساعدة الشعب اليمني، وعبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن، من أجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني، وموظفي الأمانة العامة للأمم المتحدة ومندوبيها كانوا شهود عيان على احتلال الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء بالقوة في سبتمبر من العام 2014 ولا يمكن أن تتنصل من تحميلهم مسؤولية تردي الأوضاع الإنسانية المروعة في اليمن، من انتشار للمجاعة وتفش لوباء الكوليرا، والأممالمتحدة وعبر ممثلها شاهد عيان على تعنت الحوثيين وتمسكهم بالسلطة ورفضهم بنود القرار 2216، ومواصلتهم تجنيد الأطفال، وقتل المدنيين بانتظام، إلى جانب إطلاقهم الصواريخ على أراضي المملكة. وأضاف أن الحوثيون أفشلوا وبحضور مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد وموظفي الأممالمتحدة وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن مفاوضات الكويت والتي استمرت أشهراً بسبب رفضهم «تسليم الأسلحة الثقيلة، والانسحاب من العاصمة، والمدن الرئيسية الأخرى» واختيارهم الاستمرار ك «ميليشيا مسلحة خارجة عن القانون» وليس «حزبًا سياسياً»، واللوم يجب أن ينصب على شخص وسياسات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفي نفس الوقت يجب على دبلوماسية التحالف بذل جهود أكبر لشرح الموقف وتعرية مواقف الانقلابيين وبالأدلة المقنعة كما أنه يجب الصبر والحذر من الانجرار لخلق عداوة بين دول التحالف والأممالمتحدة كمنظمة أممية وهو ما يتمناه بعض الخصوم والأعداء. واختتم الشمري بالإشارة إلى أن هذا التقرير يعوزه الدقة في رصد وتسجيل وتوثيق الانتهاكات التي تُثار بشأنها ادعاءات حول ارتكاب التحالف العربي لها في اليمن، وضرورة عدم إغفال الجهود الكبيرة التي بذلها التحالف العربي على مدى السنوات الأخيرة للتعامل مع هذه الأوضاع الصعبة والتخفيف عن الشعب اليمني، التي كان من بينها ما يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مجال حماية الأطفال اليمنيين في إطار النزاع المسلح ووقف معاناتهم وإعادة تأهيل الأطفال المجندين. د. محمد القحطاني عبدالله الشمري د. الشليمي