أكّد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس موافقة العقل السليم للمنهج الوسطي الذي هو منهج الشريعة، فالشرع الصحيح بنصوصه وقواعده واجتهادات العلماء فيه يدعو إلى الوسطية والاعتدال وينهى عن الغلو والمبالغة، والانحراف عن الجادة فمصالح الناس تقتضي عقلاً ومنطقًا أن يكون هناك منهجاً متوسطاً يجتمعون عليه، ويدافعون عنه؛ لأن كلا طرفي الأمور ذميم. كان ذلك أثناء إلقائه درساً بعنوان "بلوغ الآمال في تعزيز الوسطية والاعتدال"، وذلك ضمن برنامج "رسالة أئمة المسجد الحرام لتعزيز الوسطية والاعتدال". وتحدث الشيخ د. السديس عن الوسطية وأهمية الاعتدال، مؤكدا أن هذا الموضوع موضوع شرعي؛ لأنّ الله -جل وعلا- وصف هذه الأمة بأنها الأمة الوسط قال سبحانه: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا". وبين الشيخ في الدرس معنى الوسطية وسماتها وعناصرها، ثم عرض بعض العناصر المتعلقة بتطبيقات الوسطية كالوسطية في الحياة، وفي السلوك وفي الفكر وفي غير ذلك، موضحا أن من سمات الوسطية السماحة ورفع الحرج. وأفاد أن الوسطية والاعتدال هي سمة الشريعة الإسلامية بنص القرآن، فهذه الشريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج، مستدلاً بقول الله جل وعلا: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"، وقال تعالى: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ"، ومن سماتها العدل فإن العدل في الأحكام والتصرفات يوجب الوسطية لأن غير ذي الوسط لا بد أن يكون في سلوكه ميلاً إما إلى تفريط وإما إلى إفراط. وأضاف أن من سمات الوسطية الاعتماد على العلم والبعد عن الأهواء؛ لأنّ الوسطية والاعتدال يبرآن من الهوى ويعتمدان على العلم الراسخ.. والعلم إما أن يكون نصًا من كتاب أو سنة، أو يكون قولاً لصحابي فيما لم يرد فيه النص، أو يكون من اجتهادات أهل العلم الراسخين في ذلك. وأشار إلى أنّ من أسباب الانحراف عن الوسطية والاعتدال، الجهل والهوى وغلبة العاطفة على العقل واستعجال النتائج فيما هو مشروع، وطرح نتائج مرفوضة فيما ليس بمشروع والابتداع في الدين.