في الموسم الماضي عاقب الاتحاد الاسباني لكرة القدم نادي فالنسيا بالغرامة المالية بقيمة 1500 يورو، محذراً إياه بإقامة بعض مبارياته من دون جمهور، فقط لأن مشجعاً ينتمي إليه رمى بقارورة واحدة باتجاه لاعبي برشلونة في أعقاب تسجيلهم هدف الفوز، ولم يكتفِ بذلك بل دان في بيان رسمي تصرف لاعبي برشلونة الذين ادعوا في حركة تمثيلية بأن ما قذف في الملعب قد أصابهم، على الرغم من أن القارورة لم تصب أحداً منهم، إذ عدّ هذا التصرف تجاوزاً للروح الرياضية. هنا في الدوري السعودي للمحترفين عاقبت لجنة الانضباط نهاية الأسبوع الماضي أندية الاتحاد والهلال والباطن بعقوبات مالية متفاوتة لإقدام جماهيرهم على رمي عشرات قوارير المياه نحو الملعب باختلاف العدد في كل مباراة، فأوجد القرار ردود فعل واسعة، أحدثت على إثرها حالة صخب، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر البرامج الرياضية. الانتقادات للقرار تنوعت أشكالها، ما بين من استنكر تفاوت الغرامات المالية فيه، ومن سخر من لجوء اللجنة لعد القوارير، وهناك من مارس بعض المقاربات الساخرة بالحديث عن حتمية أن تنظر اللجنة لمقاس القارورة، والشركة المنتجة لها، متسائلين بتهكم عن قيمة غرامة رمي الأحذية، وهل يُنظر لمقاساتها، وأي فردة استخدمت في عملية الرمي، أهي اليمنى أم اليسرى؟!. المستغرب ليس ردود الفعل على الرغم من ارتفاع وتيرتها، فوسطنا الرياضي يتسم بالديناميكية، وطبيعي أن يتحرك ويتفاعل مع كل قرار، وإنما في ظهور أصوات ناقدة له بعنف تارة، وسخرية تارة أخرى انطلاقاً من اعتباره الأول من نوعه من بين كل الاتحادات الرياضية في العالم. اصطدام بعض المنتقدين للقرار انطلق في البداية من باب المفاجأة من آلية عد القوارير، على الرغم من وجود المادة مشروحة بوضوح عبر جدول مفصل في لائحة الانضباط، ثم بالاعتقاد بانفراد لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي بمثل هذه الآلية عن غيرها من اللجان في المنظومات الدولية، على الرغم من وجود اتحادات دولية تعتمدها، بما فيها الاتحاد الآسيوي، وهو مظلت الاتحادات الأهلية في القارة الصفراء، الذي يتجاوز آلية العد بالذهاب أبعد من ذلك بتحديد ماهية القارورة؛ ممتلئة أم فارغة، ورقية، أم بلاستيكية؟!. تبقى ضرورة الإشارة إلى أن لجنة الانضباط تحظى بوجود رئيس يعد من أقوى الكوادر في القانون الرياضي، ليس سعودياً بل دولياً، أعني بندر الحميداني الذي يحمل شهادتي ماجستير في القانون، والقانون الدولي الرياضي، فضلاً عن كونه محكماً في محكمة التحكيم الرياضي الدولية "كاس"، ومحكماً في مركز التحكيم الرياضي السعودي، وهو نائب رئيس لجنة أهلية المشاركة في البطولات الآسيوية، أفلا يكفي لنطمئن لكفاءته ومهنيته؟!