تمكنت الجهود الدبلوماسية للمملكة من إقناع الدول الأوروبية والدول الأخرى الداعمة لمشروع القرار الهولندي الداعي لإنشاء لجنة تحقيق دولية في اليمن، بسحب مشروع قرارها حيث تم التمسك بمشروع القرار العربي الداعم للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق ودعمها من خلال تشكيل مجموعة من الخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان من قبل المفوض السامي. القرار الذي تم اعتماده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الحالية ال 36 أمس هو امتداد لقرار دورة المجلس 33 في سبتمبر 2016. ويأتي التوصل لقرار واحد استناداً إلى المشروع العربي خطوة متقدمة نتيجة للجهود التي قامت بها المملكة على الصعيد الثنائي والمتعدد مع الدول الأوروبية وأميركا وكندا. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع الأممالمتحدة قد أصدر أمس قراراً بمواصلة تقديم الدعم التقني والمشورة، بما في ذلك في مجالي المساءلة والدعم القانوني للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق، وتمكينها من إكمال عملها في التحقيق بالانتهاكات وفقاً للمعايير الدولية وأن تقدم اللجنة تقريرها الشامل عن الانتهاكات في جميع أنحاء اليمن حال توفره. ويشجع القرار جميع الأطراف على التعاون الكامل والشفاف مع اللجنة الوطنية للتحقيق وإتاحة وصولها للمعلومات، ويعترف بصعوبة الظروف التي تعمل فيها اللجنة الوطنية اليمنية، بسبب استمرار النزاع واستمرار الانتهاكات، وهو ما يستدعي استمرار عملها وولايتها، كما يدعو جميع هيئات منظومة الأممالمتحدة خاصة مفوضية حقوق الإنسان للمساعدة في العملية الانتقالية في اليمن عن طريق دعم وتعبئة الموارد لمعالجة آثار العنف والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها اليمن، بالتنسيق مع مجتمع المانحين الدوليين ووفقاً للأولويات التي تحددها الحكومة اليمنية الشرعية. وأعرب القرار عن القلق إزاء تدهور الحالة الإنسانية في اليمن، مرحبا بجهود الدول المانحة التي تعمل على تحسين تلك الحالة، وتقديمها للدعم لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2017. وأدان القرار انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خاصة تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح، والاعتقالات والاحتجاز التعسفي والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية والهجمات على المرافق والبعثات الطبية وموظفيها والمدارس، مطالباً بوقف تلك الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها، واستئناف دفع رواتب الموظفين وضمان التعاون الكامل من جانب البنك المركزي اليمني والإفراج عن الأطفال المجندين وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم المحلية والإفراج عن المعتقلين. وشجّع القرار الحكومة اليمنية الشرعية على مواصلة التعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وجميع الإجراءات الخاصة ذات الصلة لتعزيز قدرة اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات وكذلك المؤسسات القضائية اليمنية ذات الصلة، كما طالب القرار بالانخراط في العملية السياسية بطريقة سلمية وديمقراطية وشاملة تكفل المشاركة المتساوية ومشاركة المرأة في عملية السلام. ودعا القرار إلى تشكيل مجموعة دولية من الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين لمدة سنة قابلة للتجديد، وذلك لرصد الانتهاكات وتوثيقها وتقديم التوصيات العامة لتحسين احترام حقوق الإنسان وحمايتها، وكذلك التوصيات الخاصة بشأن العدالة الانتقالية والمساءلة والمصالحة، والعمل مع الحكومة اليمينة الشرعية ووكالات الأممالمتحدة وسلطات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وجامعة الدول العربية على تبادل المعلومات وتقديم الدعم إلى اللجنة الوطنية للتحقيق والجهود الوطنية والإقليمية والدولية لتعزيز المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن. وعلى الفور رحب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي، بالدعم الذي يقدمه القرار الذي أقرّه اليوم مجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف تحت البند العاشر، ووصف توافق مجلس حقوق الإنسان على مشروع القرار العربي بالانتصار الجديد للدبلوماسية اليمنية والعربية التي استطاعت الخروج بقرار موحد هو القرار المقدم من المجموعة العربية تحت البند العاشر والذي حافظ على الاجماع الدولي الداعم للشرعية اليمنية والقرارات الدولية الخاصة بالشأن اليمني وفي مقدمتها القرار 2216. ولفت إلى أن القرار فرّق بشكل واضح وصريح بين الحكومة الشرعية التي تعمل على إقرار حكم القانون وحماية حقوق الإنسان وبين الجماعات المسلحة التي تستخدم العنف والإرهاب كسبيل لتحقيق مآربها. من جانبه أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد بن سعيد آل جابر، أن إقرار المشروع العربي في مجلس حقوق الإنسان، وسحب القرار الهولندي يؤكد استمرار جهود المملكة في دعم ورعاية التوافق الدولي حول اليمن. وقال السفير آل جابر في تصريح له عقب صدور قرار مجلس حقوق الإنسان أمس "إن الموافقة على تقديم الدعم الدولي للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، يؤكد التزامها بالقوانين الإنسانية الدولية، وأن إقرار المشروع العربي يؤكد أيضاً جهود المملكة وانتصارها للإنسانية في اليمن وفِي كل مكان". وأضاف " أن هذا القرار يأتي نتيجة لجهود جبارة وعمل دبلوماسي قامت بها المملكة لإقناع الدول بتقديم الدعم الدولي للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق، ويؤكد ريادة المملكة في دعمها لليمن ودعمها للحكومة الشرعية اليمنية والمواطن اليمني وحرصها على أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم"، مشيدًا في هذا الصدد بما تقوم بِه اللجنة الوطنية اليمنية للتحقيق والتي قامت ولا تزال بجهود للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان اليمنية المرتكبة من كافة الأطراف في اليمن.