عندما اختار لابنه الرابع اسماً جديداً وغير مألوف في العائلة وكان الأول من بين إخوانه الذي ارتبط اسمه بالعبودية وأي عبودية! عبودية عزيز مقتدر.. ذي هيبة وجلال.. هل كان عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود وهو يختار (عبدالعزيز) اسماً لهذا الابن بالذات يقرأ مستقبلاً لهذا المولود؟ أم كان متفائلاً بهذا الاسم من خلال إيمان عميق بالله؟ بعد عقدين ونيف من الزمن كان هذا المولود يافعاً شب عن طوقه يسابق الزمن في تفكيره تجاوز مراحل لم ينعم بها كغيره من بني جلدته. لم يعش فيها طفولة.. أو يعرف فيها مراهقة. كان خلالها مهموماً بأرض آبائه وأجداده التي خرج منها في ريعان صباه. سار ببضع عشرات من رهطه نحو الرياض في رحلة ظاهرها استعادة هذا الملك وباطنها إقامة كيان تحول فيما بعد إلى دولة عاصمتها الرياض تملك كل إمكانات ومقومات البقاء والاستمرار ليتحول همه الشخصي إلى هم شامل بوطنه وأمته. لم يكن أكبر رهطه سناً ولا أكثرهم خبرة لكنه كان الأكثر جرأة وشجاعة وتحديداً للهدف والأقدر حنكة ودهاء للوصول إليه. سار ومن خلفه التأريخ وأمامه الجغرافيا وهمه التوحيد.. فاستلهم التأريخ واستسلمت له الجغرافيا وتحقق له التوحيد. ف(اسطاع) (عبدالعزيز) خلال ثلاثة عقود أن يلم شتات قبائل متفرقة ومختلفة جغرافياً وثقافياً ويصنع منها أعظم وحدة عرفها التأريخ المعاصر.. وعقدان وضع خلالهما أسسس دولة حديثة ذات كيان مستقل وهدف واضح وعضو فاعل في المجتمع الدولي أسهمت في تأسيس الأم المتحدة وجامعة الدول العربية وتوجهت لها الدول العظمى تخطب صداقتها معترفة بأهميتها. ثم أتت من بعد ذلك (سبع سنبلات خضر) عم فيهن الرخاء. ملك من ورائه ملك. وجيل من بعده جيل. سياسة توارثتها الأجيال ظلت ثابتة المبادئ واضحة الأهداف رغم ما مرت به من ظروف وما أحاط بها من أحداث جاءت نتاجاً طبيعياً لصراعات جيوسياسية. وتوجهات آيديولوجية. وتيارات مختلفة الاتجاهات. عصفت بكثير من الكيانات وأدخلت بعضها في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب. على مدى عقود تسعة ظلت المملكة كياناً ثابتاً واضح المعالم والاتجاهات. يؤثر ولا يتأثر يقود ولا يقاد يصنع الحدث ويترك لغيره التعليق عليه يومنا الوطني يأتي مختلفاً هذه المرة والذكرى ال 87 هي كذلك.. تيارات تسعى للنيل منه.. وتوجهات تريد أن ترتقي به.. وبفضل الله ثم حنكة سلمان الحزم والعزم وبصيرة ولي عهده مهندس رؤيته 2030 لم تنل منا تلك ولن تنل.. وتراءى أمامنا مستقبل واعد. ليظل هذا الوطن شامخاً بأبنائه عزيز النفس عصياً على الغير ويصبح مواطنه (العبدالعزيز) بين شعوب العالم.