صحيح، لم يدرس مؤسس دولتنا وبانيها، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيَّب الله ثراه، السياسة وفنون الحرب والأمن في أي جامعة في العالم، ومع هذا أسَّس لنا، بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بجهده وعزمه وحزمه وصدق نيَّته وإخلاص رجاله له والتفاف شعبه حوله، هذه الدولة القارة الفريدة، التي تُعَدُّ اليوم شامة بين الأمم، تمثل مركز العالم، لما حباها به المنعم الوهَّاب من موقع إستراتيجي متميز وخير وفير وقيادة رشيدة صالحة حكيمة، تَجِدُّ السير على خطى المؤسس، وشعب وفي نبيل، يُقَدِّر نعم الله عليه، التي تمثل رعاية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وخدمة ضيوف الرحمن أجلَّها وأعظمها، بل أحسب أنها أجلَّ نعمة تفضل الله بها على نفر من خلقه. فحكم عبدالعزيز بلاده لخمسين سنة، قاد خلالها شعبه من قفار الصحراء إلى إقامة علاقات وطيدة طيبة مع أكبر دول العالم وأعظمها. فقد كان قائداً فذَّاً، تميز بمهارات وقدرات وفضائل منقطعة النظير، إذ اشتملت شخصيته على صفات نادرة، مرتكزة على أرضية صلبة من الإيمان والعدل، فغدا نبراساً فريداً من نوعه لفن السياسة الإنسانية في إدارة البلاد، ورعاية شؤون الأمتين العربية والإسلامية. وهو الفن الراقي المسؤول نفسه الذي سار عليه كل من تعاقب على الحكم من أبنائه البررة، لاسيَّما اليوم في عهد سيِّدي الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه. وصحيح أن عبدالعزيز انتقل إلى جوار ربِّه بعد هذه المسيرة الظافرة، إلاَّ أن اسمه سيظل خالداً في أذهان شعبه إلى الأبد.. فرحمك الله أيُّها البطل الفذ، القائد الأسطوري. والوعد أن نظل على العهد إلى الأبد في خدمة مسيرة الخير القاصدة التي دفعت عمرك ثمناً لها؛ فما أعظمها من رسالة.