* تمر على الإنسان أحداث كثيرة تختلف في نوعية تأثيرها، أحداث تجلب الفرح، وأخرى تُخلف الحزن. أحداث تذهب طي النسيان، وأخرى تبقى محفورة بالذاكرة لسنوات وقد تبقى مدى العمر. فقد الأحبة من الأحداث التي تورث الحزن، وعلى الرغم من شدة قساوتها إلا أن إيماننا بقضاء الله وقدره وتوفيقه لنا "سبحانه" بتنفيذ أمره لعباده بالصبر على المصائب والملمات، ثم وقوف الآخرين ودعواتهم تخفف كثيرا من آلام الفراق وأحزانه. * قبل عشرة أعوام فقدت والدتي الغالية -رحمها الله-، ينبوع العطاء التي أرضعت وغذت وربت وسهرت على راحتنا وتلمست همومنا حتى ونحن نكبر ونكبر، وكانت الركن الأساسي في التواصل الذي فقدنا كثيره بعد رحيلها "يرحمها الله". ويوم الثلاثاء ال14 من ذي الحجة 1438 انتقل والدي الغالي إلى رحمة الله بعد معاناة طويلة من المرض خلال سنواته الأربع الأخيرة، كان خلالها صابرا محتسبا للأجر والمثوبة من الرب الرحيم بعباده. وليس هناك أصعب من أن يفقد المرء والديه أو أحدهما، فهما الحضن الدافئ والملاذ "بعد الله" للابن وإن كبر عمره، فضلا عن كونهما "أوسط أبواب الجنة". قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. * لم يكن والدي "يرحمه الله" مجرد أب لأبنائه وبناته بل كان مربيا فاضلا وصديقا مخلصا ومتواضعا لهم، كان ودودا عطوفا، بارا بوالديه واصلا لرحمه محبا لأشقائه وشقيقاته وفيا مع أصدقائه وزملائه وجيرانه، كان أسعد أوقاته بعد مغرب كل يوم عندما يجتمع عنده أبناؤه وأحفاده وأبناء إخوانه وأخواته وجيرانه إذ اعتاد على فتح بابه في كل وقت وبعد صلاة المغرب تحديدا. وكان هذا التجمع فرصة التلاقي وصلة الرحم بين الجميع بل كان هذا التجمع محفزا ومشجعا للتواصل. كان وبفضل من الله ملازما للمسجد، وكان يرحمه الله يفتح المسجد قبل كل صلاة بأكثر من ساعة، باستثناء صلاة العشاء التي يذهب إليها قبل الأذان بدقائق بسبب اجتماع الأحبة وقهوة المغرب. فراق الوالد كان صعبا بكل المقاييس، فقدان الأب هو فقدان لركن تستند عليه وتلجأ له -بعد الله- عند الشدائد، فقدان الأب يعني الشعور بالوحدة، وعن نفسي سأشعر بها كثيرا وأنا الذي قضيت عمري قريبا منه وبصحبته حلا وترحالا. تعملنا منه كيف نوقر الكبير ونعطف على الصغير ونحب الجار ونصل الرحم. تعلمنا منه الانضباط والإخلاص في العمل، كان يقول كن مظلوما ولا تكن ظالما. مهما حاولت أن أكتب عن والدي سأكون عاجزا عن الوفاء ولو بجزءٍ مما يستحق. اللهم ارزقنا بر والدينا واغفر لنا ولهم وجميع أموات المسلمين. * إعلامي رياضي سابق