لا يعلم إلا الله كيف سيكون المستقبل. ولكن على المرء أن يفعل السبب. أصبح للإنسان سيرتان ذاتيتان CV. الأولى تكتبها بنفسك وعلى كيفك عندما تتقدم لوظيفة والأخرى تسجلها منذ اللحظة التي تتعرف فيها على السوشل ميديا وتفتح حسابات على التويتر والفيس بوك وخلافه. تكون بدأت تعلن عن شخصيتك الحقيقية. سيرتك على السوشل ميديا هي السيرة الحقيقية التي سوف تعتمد في توظيفك وتزويجك وبناء علاقاتك في المستقبل. مر علينا عدد من النكت التي تتنبأ بهذا. تقدم شاب لخطوبة بنت من والدها. أول سؤال طرحه والد الفتاة: هل عندك حساب في التويتر والفيس بوك والسناب.. ممكن نطلع عليها. سيؤدي هذا أيضاً إلى مسائل كثيرة ومعقدة. البوليس مثلاً سوف يستفيد من هذه السيرة إذا وقع المرء في مشكلة. يكفي أن يعرف شخصيتك واهتماماتك واتجاهاتك الثقافية وهواياتك بهذا تتحدد علاقتك بالقضية. تقدم حساباتك مؤشرات مهمة عن شخصيتك. ثمة مناصب أو مراكز تلعب السيرة الذاتية دوراً حاسماً فيها. ألفاظك وميولك وأسلوب ردودك على الآخرين. لو تقدم إنسان لإمامة مسجد مثلاً. لا يمكن أن يقبل أهل الحي أن يعين عليهم إمام سفيه مثلاً. حتى لو أثبت في الاختبارات أنه يحفظ القرآن كاملاً. لا يستطيع الإنسان أن يكون مهذباً على طول إلا إذا كان مهذباً بالتربية. السوشل ميديا تنتزع منك ما تخفيه. الكتابة فيها مفتوحة باستمرار. أثناء غضبك وأثناء مرحك وأثناء كل أطوار يومك دون حسيب أو رقيب. قد تتلفظ اليوم بألفاظ نابية تدحر بها خصمك. قيمة هذه الخصومة وخطورتها أثناء تفاعلها في دمك سوف تختفي في المستقبل حتى أنت سوف تنتقد نفسك يوماً بأنك ذهبت أكثر مما يجب. لكن ما خلفته من انطباع عند الآخرين لا يمحوه الزمن بسهولة. خصومك اليوم غير خصومك عندما تكبر في المكانة. سيزدادون وسيكونون أشد ضراوة. ستكون تحت رقابتهم الدائمة. سيخرجون ملفاتك القديمة على السوشل ميديا ويقدموك على حقيقتك. ثمة كارثة أخرى تنتظرك عندما تصبح من المشاهير أو أصحاب المناصب العليا. لم يعد أمامك فرصة لارتكاب الأخطاء. كل خطأ ترتكبه سيحسب عليك. سيعاد إنتاجه ويربط بماضيك. السوشل ميديا مسؤولية كبرى. تمرح وتسرح وتشتم الآخرين وتنتقص من هذا ومن ذاك وأنت تتضاحك مع أصدقائك في القهوة، ولكن تذكر أنك تعبث بمستقبلك.