في كل عام تحتفل بلادنا الغالية باليوم الوطني وسط فرحة غامرة من الجميع فهذا اليوم يحكي كفاح البطل المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي بذل الكثير من وقته وجهده في سبيل توحيد هذه البلاد التي شهدت في عهده ولا تزال الرخاء والاستقرار والتقدم حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ومع مرور الأجيال فإن الذكرى الطيبة العطرة باقية في ذاكرة ووجدان أبناء هذا الوطن خصوصاً ممن هم شهود على مراحل التأسيس بمشاركة آبائهم وأجدادهم في هذا الكفاح الجميل، فجل من عاصر ملاحم التوحيد قد فارق الدنيا وهو راض كل الرضى بما قدم من تضحيات لمليكه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ولهذا الوطن المعطاء، وبقي من الأحفاد من يروي قصص الكفاح وملاحم التوحيد. مسيرة الأبطال "الرياض" التقت أحد أبناء الرواد الذين رافقوا الملك عبدالعزيز في مسيرته المظفرة لاسترداد الرياض عام 1319ه 1902م الذين بقوا كشواهد على مراحل التأسيس والبناء، وهو الشيخ منصور بن عبدالله بن حسين بن جريس بن براك الدوسري- رئيس الأخويا في إمارة مرات سابقاً-، حيث قمنا بزيارته في منزله بمحافظة مرات فاستقبلنا بكل حفاوة وترحاب رغم كبر سنه وجلوسه على فراش المرض بعد أن تجاوز عمره الخامسة والثمانين عاماً، ورغم كل الصعوبات إلا أن البشر علا محياه ما إن علم بأن الحديث عن ذكريات اليوم الوطني فوالده عبدالله بن حسين بن جريس أحد الرواد الذين صحبوا الملك عبدالعزيز في مسيرته المظفرة لاسترداد الرياض عام 1319ه / 1902م وهو يفخر بذلك كل الفخر فعلى الرغم أنه لم ير والده حيث توفي قبل أن يبلغ الفطام إلا أن تاريخ والده المشرق لا زال يسمع به منذ نعومة أظفاره، فقد كان والده من الفرسان المشهورين ومن الرماة المعروفين وقد خرج إلى الكويت في طلب الرزق وهناك اتصل بآل سعود في مهجرهم وعندما علم بعزم الملك عبدالعزيز في إنقاذ ملك آبائه وأجداده صحبه إلى الرياض وباشر القتال معه بشجاعة وإقدام. وأشارت المصادر التاريخية إلى أن الملك عبدالعزيز قد انتدب والده ليلة الهجوم على حصن ( المصمك ) في الخامس من شوال عام 1319 ه هو وسطام أبا الخيل أحد الرفاق ليتقدموا المجموعة بعد أن تحركوا من ( ضلع الشقيب ) زاحفين نحو الرياض ليلاً ليكشفا لهم الطريق، وكان من الرجال الثلاثة والثلاثين الذين استبقاهم الملك عبدالعزيز بقيادة أخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن في بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض، وقد صحب البطل عبدالله بن جريس الملك عبدالعزيز في جميع غزواته التي أعقبت دخول الرياض وكان له الأثر الحسن في تلك المعارك، وقد قاتل ببسالة وشجاعة وإقدام في أكثر من معركة. ويذكر منصور بن جريس عن والده بأنه كان لبسالته وإقدامه وشجاعته يموت فرسه وهو في المعركة أثناء القتال، وكان المؤسس الراحل يعطيه بدلاً منها وأجود، حتى اشتهر عنه ذلك . قصة الخيل وفي هذا السياق يذكر بأن والده مغرماً بأصايل الخيول وفي قصة جميلة يروي بأن المؤسس -طيب الله ثراه- قد أهديت له فرس أصيلة فذهب إليه والدي في مجلسه لعله يحظى بها كهدية من المؤسس ولكن المجلس انفض دون أن يحصل على هذه الفرس فخرج من المجلس متكدر البال فلقيه الأمير محمد بن عبدالرحمن أخ الملك عبدالعزيز -رحمهم الله- وقد عرف ما كدر خاطر والدي فاستدعاه وأمر أحد أخوياه أن يحضر له فرساً أصيلة كانت تسمى ( الجريبة ) وأهداها له، وقال له أريدك أن تسمعني الأبيات التي قلتها في معزبك، فقال: يا طويل العمر ما قلت شيء، فأصر عليه الأمير محمد بن عبدالرحمن قائلاً له أما الفرس فقد حصلت على مثلها منا فقل الأبيات وبعد إلحاح قال: الهرج ماله ملتقى وش أباقول وخوي النشاما وش يبي له بدلاّل يا شيخ منتب في الرجاجيل مجهول ولا كل رجال تشوفه برجال ترى حلات اللي يلاوي على الطول ودك يزاد من أشقر البن فنجال وقد لي معك حول وحول باثر حول وايضا الملاوي يوم شينات الأحوال وخليتني يا شيخ من غير دالول رجلي وولد مبيع الورك خيّال علاقته بالملك فيصل وبعد استقرار الأمن في الحجاز كلف مجموعة من رجال الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بصحبة الأمير فيصل بن عبدالعزيز على إثر توليه ليكون نائباً لوالده في المنطقة الغربية، وكان عبدالله بن جريس يحظى بالكثير من حب الملك فيصل وتقديره، وقد مكث في الحجاز مدة جعلته يتشوق إلى منازله الأولى، وهناك مرض مرضاً شديداً فعاد إلى نجد وتوفي في بلدته العمارية مسقط رأسه، وكانت وفاته في سنة 1350 ه -رحمه الله- كما ذكرت ذلك المصادر كقول المؤرخ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد -رحمه الله-. وسام الرواد ويضيف الشيخ منصور بن جريس معبراً عن شكره وامتنانه للحكومة الرشيدة على احتفاء الوطن بمن ضحى بروحه في سبيل التوحيد وخير دليل على ذلك هو التكريم الذي حصل عليه الرواد من قبل ولاة الأمر وهم الرجال الذين شاركوا مع المؤسس الراحل في استرداد الرياض حيث تم تكريم أبناء الرواد في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ضمن احتفالات المملكة بمضي 100 عام على تأسيسها في مناسبة ( المئوية ) وتم تكريم هؤلاء الفرسان، وأطلق عليهم لقب ( الرواد ) ومنحوا وسام الرواد، إيمانًا من هذه القيادة بموقفهم الشجاع ومساهمتهم في وضع أول بنية من بنيان هذا البلد المعطاء. وقال لقد تشرفت بالسلام على الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وتسلمت من يده الكريمة وسام الرواد، ولا زال هذا الوسام مصدر فخر لي ولأبنائي وأحفادي، وأسأل الله أن يحفظ لنا بلادنا الغالية في ظل عهد الخير والنماء عهد ملك العزم والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه وأيده بنصره- وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله ورعاه-. رجال الملك عبدالعزيز شهدوا مع المؤسس أهم مراحل تأسيس وبناء الوطن منصور بن جريس يتحدث للزميل حمود الضويحي أحد أوسمة الرواد الذين تم تكريمهم في ذكرى المئوية قصر المصمك شهد ملحمة فتح الرياض عام 1319ه