أثلج صدور الكثيرات التوصية التي تقدمت بها عضو مجلس الشورى الدكتورة سامية بخاري في جلسته الاثنين 10/9/2017 وكسبها لها ب107 أصوات أثناء مراجعة التقرير السنوي للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ونصت على التوصية ب"فتح أقسام نسائية مستقلة، وتعيين المتخصصات المؤهلات للفتيا بها، مع توفير المتطلبات البشرية والمادية اللازمة لذلك، وإشراك الأكاديميات المتخصصات في العلوم الشرعية في بعض أعمالها، كالاستكتاب في البحوث والمشاركة في المناشط العلمية"، وأيدت د. سامية وصول النساء المتخصصات إلى الفتيا دون قصرهن على الشأن النسوي (صحيفة مكة 11/9/2017). إن الدلالات التي تحملها هذه التوصية كبيرة، على الرغم من أنها قد تُضيق في نهايتها وتُقصر على الاستكتاب لكننا نتفاءل خيراً. فالدلالات تبدأ بأن المرأة السعودية على أعلى المستويات تحمل الوعي والهم بضرورة المشاركة في القرار الديني الذي بقي طيلة هذه القرون حكراً على الرجل دون المرأة. ويدل على أن مجلس الشورى يحمل الهم النسوي بشكل كبير وإن كان هذا لا يعني أنه مقتصر عليه، فهمه وطني ولكن للمرأة نصيب كبير اليوم من التوصيات مما نحتاج إليها تسليطاً للضوء وتغييراً وتعديلاً. كما يدل على أن هناك انفراجا جديدا أخذ يتشكل في الوعي الجمعي بإمكانية وصول المرأة إلى مراتب الفتيا ولا غبار على ذلك، وإدراكا بأن من حق المرأة المسلمة في دينها أن تكون مشاركة في قضاياه وتحدياته واجتهاداته، مقدمة منظورها الذي كان مفقوداً لزمن طويل. ويدل أيضاً على أننا قادمات إلى عصر جديد من التسامح الديني والتصالح مع المرأة والتعاطي معها على أنها ند وليست تابع تنفذ الأوامر وما تخرج به فتاوى الذكور السابقة، فحسب. لعل الدلالات تتشعب وتمتد وأقف هنا لأذكر بأن هذا الدين لم ينتشر عبر القارات ويستمر هذه القرون لو لم يكن يحمل معان لم يسبقه بها دين استحق بها هذا التقدم وعلى رأسها معاني المساواة والعدالة، وأذكر أيضاً بأننا تراجعنا كثيراً عن هذه المعاني وتُركت النساء رحمة لكثير من الأهواء التي تستمتع بجعلها في الخلف دوماً عالة على الآخرين لاسيما على إخوتهم من الذكور. لكن لحسن الحظ فإننا في الطريق لتدشين عصر جديد نأمل أن لا يُختطف بدوره باختيار واجهات من النساء يحملن نفس المنهج والتفكير الذي يؤمن بدونية المرأة ويعزز هذا الفكر بالفتيا والخطب والكتابات. نأمل أن تحمل هذه التوصية المرأة إلى فضاء جديد من الأهلية العلمية والدينية التي تمارسها المرأة في غالبية العالم الإسلامي دون مناقشة، ولعل وصول السيدة حليمة يعقوب يوم الخميس الماضي (14/9/2017) انتخاباً إلى سدة حكم سنغافورة مؤشر على ما تقوم به النساء في العالم حيث المسلمين أقلية أو أكثرية، لكنهن يصلن ولم ينتقص أحد من عقلهن ولا دينهن ويقدن شعوبهن بكل اقتدار.