بكى العالمُ الأميركي "أوبنهاور" أبو القنبلة الذرية عندما وقف وهو ينظر إلى السحاب الجهنمي، وقد انفجرت أول قنبلة ذرية في صحراء مكسيكو، وقال: اليوم عرف العالم طريق الخطيئة، عرف نهاية الكون وفنائه.. وبات تلك الليلة محسوراً مهموماً باكياً ندمً على صنع تلك القنبلة الجهنمية !! غير أن بكاءه وندمه وحسرته لم تُجدِ شيئاً. فالطيار الأميركي: "بول تيبتس" الذي ألقى القنبلة الذرية على هيروشيما، من طائرته التي سماها باسم والدته "انويلا" قال: في آخر لقاء تلفزيوني معه قبل موته منذ سنوات بأنه لم يشعر بتأنيب الضمير وهو يشاهد مئات الآلاف يحترقون كالفراش تحته!! ومثله تماماً القناص الأميركي: "كايل" في فلمه الشهير المثير للاشمئزاز "القناص" الذي يفخر فيه بأنه قتل قرابة الثلاث مئة عراقي من بينهم أطفال وعجائز!! وتلك مفارقة الضمير.. واليوم خرج انتحاري مجنون يهدد الكون كله، وهو الرئيس الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" هذا المغتلث المهووس الذي لا يردعه عقل ولا حكمة.. فهو كمن يحمل قنبلة داخل سفينة، ويستطيع وفي لحظة تهور جنونية أن يفجرها ويغرقها في غمضة عين. ومن الطبيعي أن نقول: إن هذا المجرم المعتوه هو نتيجة الخطيئة التي أشار إليها "أوبنهايمر".. فإن ما قد يفعله هذا الانتحاري الكوني، أصبح خارجاً عن السيطرة بعد تجربته "الهيدروجينية" الحديثة التي رجت الكرة الأرضية من أقصى شرقها إلى أقصى غربها من كوريا إلى السويد.. إن العالم اليوم يزداد رعباً، وخوفاً وقلقاً حيث أصبحت الحياة على كوكبنا الأرضي مهددة بالدمار الحقيقي حين أصبح هذا السلاح في حوزة المجانين والمجاذيب الطائشين وغير العقلاء.. ذات مرة قال وزير الدفاع الأميركي متباهياً إن أميركا تملك من القوة النووية ما يمكن أن يدمر الكون خمسين مرة.!! فرد عليه الوزير الروسي بأن روسيا تملك من القوة النووية ما يدمر الكون مرة واحدة لأن النتيجة واحدة، وكان ذلك في سجال الحنكة السياسة أيام الحرب الباردة... بذا أعود إلى القول: بأنه إذا كان "أينْشتاين" خدم البشرية في مجال الفيزياء فهو قد جنى عليها في نظريته النووية التي أصبحت واقعاً مرعباً وبذا فهو شيطان الدمار الكوني، إذ هو من أرسل نظريته إلى الرئيس الأميركي "روزفلت" طالباً إليه الاستعجال في صناعة القنبلة الذرية قبل أن يتوصل الألمان إلى صنعها وكان ذلك عام 1938 حيث بدأ مشروع "منهاتن" لصناعة القنبلة الملعونة. وكما أسلفت فإن المشكلة التي يعاني منها العالم وسببت له كل هذا الذعر الحقيقي، هو أن لا أحد يستطيع إيقاف هذا المجنون عند حده، فهو رجل مغلق الفكر مغلق الضمير ويعاني من الشيزوفرينيا المزاجية الشرسة.. فقد قتل عمه..! وقتل وزير دفاعه بالمدفع المضاد للطائرات لأنه نعس قليلاً في حضوره! كما أنه قد حشر وحجر شعبه في حظيرة الاضطهاد حيث أغلق بلاده عن كل أسباب الاتصال بالعالم، وسخر هذا الشعب لتمجيده وعبادته، ومن طبيعة بعض الشعوب المضطهدة أنها تسجد لجلاديها وتتخذ منهم أرباباً حتى وإن كان من بينهم من يرى فيه بطلاً قومياً لا يخضع لأحد، ولا يتحكم في مصيره أحد.. بيد أن الحتمية تقول إن الكون بأجمعه يواجه اليوم شراً مستطيراً بسبب هذا المارق عن الإجماع الأممي، والذي يمكن له أن يفاجأ العالم بتهور قاتل ومميت، ولكن رُب قائل يقول لماذا هذا التشاؤم كله؟ فلعل ذلك يخلق توازناً كونياً ضد الاستكبار والطغيان الذي تمارسه الدول الكبرى على الدول المستضعفة، وأنه الحديد الذي سيفل الحديد، والآفة الصغرى التي تفتك بالآفة الكبرى... وأقول ربما أن في هذا القول فسحة من التفاؤل التي قد تمنح الإنسان الشعور بالطمأنينة بسبب دفع الناس بعضهم لبعض.. فهذا ولا شك خير من أن أقول: إن الكون أصبح كله على جناح بومة مشؤمة لا ندري، متى وبأي جدار سوف تصطدم..؟ وقاتل الله "أينشتاين" و"أبنهاور" فلولاهما لكانت البشرية اليوم أهنأ بالاً وأكثر أمناً..