بعزيمة الرجال، وبروح الصقور، الأخضر السعودي إلى موسكو في خامس مونديال في تاريخ الكرة السعودية بعد غياب 12 عاما، وبعد أن حبس الأنفاس، وفرط في الأسهل على إستاد هزاع بن زايد، حققوا الكايد في "الجوهرة المشعة"، فكان الكايد بحق أجمل وأحلى وأغلى، وكان التأهل إلى المونديال الروسي أمام "الساموراي" طعمًا أجمل، في ليلة تاريخية اخترقت فيها الروح السعودية الكمبيوتر الياباني على الرغم من كل جدرانه النارية التي فرضها مدربه البوسني وحيد خليلوفيتش! بعد الشوط الأول الذي جاء مخيبًا للآمال، وبث في النفوس بعض الإحباط، تخلى الهولندي بيرت فان مارفيك عن بعض قناعاته، وأعطى الفرصة والوقت بشكل أكبر للفهد الأسمر فهد المولد الذي استقبل هدية نواف العابد وأطلق صاروخًا زلزل فيه "الساموراي"، وأسعد فيه ملايين السعوديين، وأنعش فيه 62 ألف قلب أخضرٍ تواجدوا في "الجوهرة المشعة"، تقدمهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، فكانت الفرحة التاريخية، والعودة السعودية من الباب الكبير إلى المحفل العالمي الذي طال عنه الغياب، ولم يكن للغياب أن يطول أكثر، ولم يكن للكرة أن تواصل عنادها للأخضر! لم يكن الطريق سهلًا إلى موسكو، ولم يكن من السهل أن تسقط المنتخب الآسيوي الأخطر الذي جاء مجهزًا بنجوم الأندية الأوروبية مستعدًا ومتمترسًا بدفاعاته، باحثًا عن قتل الأمل السعودي، وإفساد فرحة السعوديين، لكن نجومنا كانوا قدها، وكانوا قولا وفعلا، وحققوا المهمة المستحيلة، مؤكدين أن "الأخضر" الذي تسيد في زمن سابق القارة الآسيوية يمرض ولا يموت، وأن المستقبل بإذن الله أحلى، على أمل أن يكتمل الفرح في موسكو بظهورٍ مشرفٍ يليق بهذا البلد العظيم، وبهذا الشعب العظيم، ويعكس مستوى الدعم الذي قدمته قيادتنا حفظها الله للكرة السعودية. كنا بأمس الحاجة لهذا الإنجاز، وبأمس الحاجة لهذا الفرح الذي غاب طويلًا، وبأمس الحاجة لفرحة تجمعنا على قلب وطن واحد، بعد أن أشغلتنا منافساتنا المحلية وقضاياها بالمهم وغير المهم وأنستنا الأهم، فألف ألف مبروك لكل محب للكرة السعودية، وألف ألف شكر لهؤلاء الرجال الذين منحونا هذا الفرح، وتحملوا العتاب الذي كان على قدر المحبة، وألف ألف شكر للقيادة التي لم تشغلها كل شؤون السياسة وهمومها عن الالتفات والدعم المستمر للشباب والرياضة، ولا عزاء لقلةٍ قليلة انتظرت سقوط "الأخضر" لتمارس الإسقاط عليه وعلى نجومه، ولتصفي حساباتها الرخيصة على حساب الوطن ومنتخب الوطن!