رغم خطاب التهدئة والتطمينات التي بعث بها الرئيس السابق علي عبدالله صالح لحلفائه الحوثيين، واصلت ميليشا الحوثي تمددها وانتشارها على الأرض. وذكرت مصادر محلية أن الحوثيين واصلوا عملية انتشارهم جنوبي صنعاء، حيث تتواجد بعض قياداتهم، ليس هذا فحسب بل وسعت مليشيا الحوثي دائرة التوتر مع حليفها علي عبدالله صالح وأنصاره خارج العاصمة صنعاء، إذ كثفت المليشيا نشر مسلحيها بشكل مفاجئ في أزقة وشوارع ومداخل مدينة المحويت عاصمة المحافظة، ونصبوا نقاط تفتيش مستحدثة، ونشر المتمردون مركبات عسكرية جديدة عليها صور زعيمهم عبدالملك الحوثي وشعاراتهم. وقالت مصادر محلية: إن الحوثيين استحدثوا عدة نقاط داخل المدينة، من أبرزها الطريق المؤدية إلى معسكر النجدة، والمستشفى الجمهوري، والبنك المركزي وتم توزيع المشرفين الحوثيين في بعض المباني. توسع الحوثيين وتمددهم في صنعاء وحتى مناطق أخرى يعكس هاجسهم وقلقهم وعدم ثقتهم بصالح المعروف بالمكر السياسي، رغم ما يقوله. فقد ظهر صالح في مقابلته التلفزيونية مع قناة اليمن اليوم التابعة له بخطاب تطميني حمل رسائل تؤكد حرصاً من قبله على تحالفه مع الحوثيين، رغم التوتر الكبير والذي وصل إلى حد الاشتباكات المسلحة، والتي حاول صالح التقليل منها، ومن مقتل أحد قيادات حزبه ووصفه الأمر بالحادث العرضي. مهادنة صالح وتودده للحوثيين لم يشفع له عند بعض القيادات ونشطاء مليشيا الحوثي، فيما اعتبر البعض خطاب صالح التصالحي مع الحوثيين خطاباً مسؤولاً، شكك كثير من القادة والناشطين الحوثيين بنوايا صالح، حيث قال البعض: إنهم لن يثقوا به حتى لو توجه على ظهر دبابة إلى أرض المعركة للقتال إلى جانبهم، وأبدت بعض القيادات الإعلامية الحوثية استياءها من وصف صالح لبعض الناشطين الذين يسعون لشق الصف بين حليفي الانقلاب بالطابور الخامس، وحذروا من «لعب وحيل صالح» المستمرة منذ أكثر من 35 عاماً. ميدانياً، قتل سبعة من مليشيا الانقلاب في مواجهات مع القوات الحكومية في مديرية خب والشعف بمحافظة الجوف، تزامن ذلك مع اشتداد وتيرة المواجهات في أغلب جبهات القتال في المتون والمصلوب والغيل بالجوف. كما سقط قتلى و جرحى من المتمردين في معارك وغارات لمقاتلات التحالف العربي شمالي مديرية المخا غربي تعز، واندلعت المواجهات إثر هجوم عنيف للمتمردين، وتزامن ذلك مع تبادل للقصف المدفعي في موزع غربي تعز. كما دارت معارك وتبادل للقصف بين الطرفين في كل من ميدي بحجة وصرواح في مأرب ونهم شرق صنعاء، تخللها غارات لمقاتلات التحالف العربي التي استهدفت أيضا الانقلابيين في صعدة. في هذه الأثناء أصدرت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أمس تقريراً حول الأوضاع في اليمن يغطي فترة بدء الانقلاب ودخول المليشيات إلى صنعاء من سبتمبر 2014 وحتى نهاية يونيو 2017. وأكد التقرير استمرار انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان في اليمن، مشيرًا إلى التعاون بين اللجنة الوطنية اليمنية للتحقيق والمفوضية. وأوضح أن اليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم ويواجه الملايين خطر الكوليرا والمجاعة والتشرد، ووصول الاقتصاد اليمني لحافة الانهيار، مشيراً إلى أن هذه الأوضاع استغلتها المليشيات والجماعات المسلحة على نحو متزايد. وقال التقرير: إن 18،8 مليون يمني يحتاجون للمساعدات الإنسانية و7،3 ملايين على حافة الجوع. وعن حرية الرأي والتعبير أكد التقرير الأممي أن مليشيا الحوثي وصالح قامت منذ بداية الأزمة بحملة قمع ضد الصحفيين والناشطين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني، من خلال فرض قيود على حرية التعبير والتخويف والاحتجاز التعسفي غير القانوني، والاختفاء القسري، إضافة إلى عمليات القتل، كما قامت المليشيات منذ عام 2015 بإغلاق 21 موقعًا إلكترونيًا و7 قنوات تلفزيونية، وحظرت نشر 18 صحيفة، وداهمت وأغلقت مباني 52 منظمة من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وقد غادر العديد من الناشطين البلاد خوفاً من الانتقام. وأشار التقرير الأممي إلى زيادة حالات النزوح والتشرد الواسع النطاق، مطالباً بوضع إستراتيجيات للتصدي للعنف ضد المرأة وزواج الأطفال، مشيرًا إلى أن أكثر من ثلثي النساء اليمنيات يتزوجن قبل سن 18 عاماً، مقارنة مع نصفهن قبل النزاع. وأشار إلى أنه لا يتم الإبلاغ عن جرائم العنف الجنسي في اليمن بسبب الخوف من المخاطر المرتبطة بالإبلاغ، في حين لا تتوفر إحصاءات، مشيرًا إلى تقارير تلقتها المفوضية أكدت أن المهاجرين واللاجئين والمشردين داخلياً والمحتجزين في اليمن معرضون جميعاً لخطر العنف الجنسي وانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وتناول التقرير الآثار السلبية لتطورات الوضع اليمني منذ 2014 على مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الحق في الغذاء والسكن والتعليم والصحة والمياه والمرافق الصحية. وبين أن المرافق الصحية تعمل بأقل من نصف طاقتها، وأصبح الكثير من الناس لا يستطيعون شراء الدواء أو الطعام، حتى عندما تكون متاحة. كما أن هذه الظروف عجلت في انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض، وزادت من خطر المجاعة، في حين أن السكان في اليمن يزدادون فقراً وجوعاً وتشرداً ومرضاً ويصابون ويقتلون. وأوضح التقرير استمرار قوات مليشيا الحوثي والمخلوع صالح في تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال الحربية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. ومنذ مارس 2015 وثق التحالف اليمني المعني بالرصد والإبلاغ عن انتهاكات أكثر من 1700 حالة تجنيد للأطفال قامت بها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، وأن ربع الحالات الموثقة كانت من محافظة تعز، وعددها 488 حالة، وأن حوالي 100 من هؤلاء الأطفال تقل أعمارهم عن 15 سنة. ودعا مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين في التقرير للتوصل إلى حل تفاوضي والسماح بالوصول العاجل للمساعدات الإنسانية.