صديقي العزيز: وصلتني رسالة معايدتك فشكرا لك وطيّب الله ايامك بالرضا والمسرات. وما استحثّ همّتي لكتابة جوالي هنا هو فحوى رسالتك الفائض بالحزن واليأس من كل شيء. هذا ما وصلني وانا اقرأ رسالتك وأنت تصف حجم حزنك على ما أصاب البلدان والناس من بؤس وتطاحن وتغيّر المفاهيم. ولأنك واحد من أصدقاء العمر ولأني اعرف شفافيّة روحك فقد تسلّلت شجونك هذه إلى اعماق مراكز الروح والقلب. ولأني اعرف أيضا كيف تُبكيك صورة منشورة لطفل مشرّد وكيف يغيّر مسار يومك منظر سيّدة عجوز تستجدي مروءة الناس، كما أعرف روائع مبادراتك النبيلة التي يتجلّى فيها الإحساس المرهف فسأكتب يا صديقي جوابي على تهنئتك من زاوية حب أخرى. صديقي العزيز: لا أخفيك – كما قلت لك- أن رسالتك حركت المواجع واثارت الشجون واتفق معك في كل مضمونها. نعم لم يكن هذا العام عاديّا على كافة المستويات، ولم تكن الصور التي رأيناها وما زلنا نراها هنا وهناك على شاشات التلفزيون ورديّة الألوان. ولكن – وأنت العاقل الحصيف- تدرك أيضا أنّ مساحات الخير في الحياة تزداد اتساعا وأن فضاءات الجمال تشرق ألقاً في كل اتجاه على الرغم من كل شيء. انظر يا صديقي باتساع الأفق كلّه لترى كيف تنتشر المبادرات الخاصة والعامة وتتأسس المشروعات التطوعيّة لتضييق مساحات البؤس ونشر الحق والخير والجمال. وتأمل أيضا كيف يتنادى الخيرون امثالك لمسح دمعة يتيم ومواساة محروم ونجدة ملهوف. واكتب هذا الكلام لك يا صديقي حتى لا تتملكك حالة اليأس فتذوي شعلة عطائك وربما يقودك الإحباط الى مدى أكبر فتنسحب عن فعل ما تحب من خير وايجابيّة. واكتب لك بهذه اللغة أيضا حتى لا تصبح حالة الضيق والتبرم عندك عدوى تؤثر فيك وفي من يحبونك ويرونك ملهما وأنموذجا. أنت تعلم يا صديقي أننا لا نمتلك تغيير النفوس التي ما برحت تنفث الشرور كما لا نملك تحويل مجريات كل ما تبثه الشاشات مهما كان مؤلماً أو مؤذياً ولكننا بكل تأكيد نملك نعمة توجيه ذواتنا لفعل الصواب المثمر بالخير والايجابية. كما يمكننا – أيها المتألق عطاء-أن نزن اتجاهاتنا صوب الزوايا الإيجابية في الحياة. وهذه الأسطر لك وعنك ما هي الا محاولة لاستثمار مواسم الفرح ومناسبات الخير التي تتجلى صورها البهيّة في أيام العيد الذي حقه عليك وعليّ توسيع دوائر الفرح والابتهاج. دعنا يا صديقي نبدأ اليوم مشروعا أساسه التواصي بفعل الواجب الشرعي الإنساني من خلال نشر التفاؤل وابراز النماذج الإيجابية الكثيرة من حولنا لعلّها تغشى محيط بعض من التزم ثقافة الاحباط والكآبة يكفي أن ننجح ولو قليلا في تحويل عادات بعض من أصابهم اليأس الى منتجين ومصدرين للفرح والبهجة لأنفسهم ومحيطهم. وأخيرا ...هو العيد يا صديقي فابتسم وتفاءل وهاتِ من إبداعاتك -كما هو عهدي بك- أفكارا استثنائية نتجاوز بها معا حواجز الإحباط منطلقين الى فسيح فضاء الإيجابية والجمال وكل عام وأنت بخير. قال ومضى: هو العيد يا صديقي فلا تبعث الأحزان وابتسم وتفاءل..