لا شك أن النيابة العامة تعتبر في الكثير من الأنظمة العدلية جزءاً من السلطة القضائية، وتمشيا مع ذلك جاء القرار الملكي بفصلها عن السلطة التنفيذية، وتغيير مسماها إلى النيابة العامة، ومنحها صلاحيات كاملة واستقلالية مالية وادارية، وربطها مباشرة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، بما يؤكد حرص الدولة على تحقيق العدل وإرضاء حاسة العدالة في المجتمع من خلال معاقبة المجرمين وإنصاف المظلومين، والتأكيد على سلامة إجراءات التحقيق والاستدلال والقبض على المتهمين، ويضمن في الوقت نفسه عدم إيقاف أيّ مواطن أو مقيم دون سندٍ صحيح من الشرع والنظام. وكما أسلفنا فإن فصل النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، وربطها مباشرة بالملك وتحديث الأنظمة المتعلقة بأعمالها، سيضمن عدم الازدواجية والتوافق ببين الإجراءات وسيمنح النيابة العامة سلطة كاملة في التأكد من سلامة الإجراءات المتخذة في الادعاء والتحقيق والقبض من خلال تفعيل المادة (25) من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه (يخضع رجال الضبط الجنائي فيما يتعلق بوظائفهم في الضبط الجنائي المقررة بهذا النظام لإشراف النيابة العامة، وللنيابة أن تطلب من الجهات المختصّة النظر في أمر كل مَن تقع منه مخالفة لواجباته أو تقصير في عمله، ولها أن ترفع دعوى تأديبية عليه دون إخلال بالحق في رفع الدعوى الجزائية). والنيابة العامة وفقاً للمادة الثالثة من نظامها، تختص بالتحقيق في جميع الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصها النوعي والمكاني، وللنيابة الحق في التصرف في التحقيق برفع الدعوى أو حفظها، وتختص النيابة بإقامة الدعوى العامة ومباشرة إجراءاتها أمام الجهات والمحاكم المختصة، وطلب استئناف الأحكام الجزائية والإشراف على تنفيذها، وللنيابة العامة الحق في الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف والاستماع إلى شكاوى المسجونين والموقوفين، والتحقق من مشروعية سجنهم أو توقيفهم، ومشروعية بقائهم في السجن أو دور التوقيف بعد انتهاء المدة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح من سجن أو أوقف منهم بدون سبب مشروع، وتطبيق ما تقضي به الأنظمة في حق المتسببين في ذلك. ونخلص إلى أن النيابة العامة بصفتها جزء من السلطة القضائية كانت ولا تزال تعد ضمانة لتحقيق العدل ومعاقبة المجرمين والمطلوبين للعدالة والتأكد من تطبيق الأنظمة وسلامة الاجراءات فيما يتعلق بالادعاء والتحقيق والقبض وتوجيه الاتهام دون محاباة أو تأثير من أي جهة، ونعتقد أن تحقيق العدالة دون معوقات أو تأخير في ظل تزايد نسبة الجريمة وتطور أساليبها، وتوسع أعمال النيابة العامة وارتباطها بجهات حكومية مختلفة، يتطلب أولا: تحديث الأنظمة المتعلقة بأعمال النيابة العامة لتوحيد الاجراءات ومنع الازدواجية، وثانيا: زيادة أعضاء النيابة في المدن الكبيرة التي تكثر فيها الجرائم والتحقيقات والقضايا الجنائية وغيرها من الأعمال التي تباشرها النيابة العامة.