القراءة الأولية للقاء خادم الحرمين الشريفين ونائبه الأمير محمد بن سلمان بالشيخ عبدالله بن علي آل ثاني؛ كشفت عن انحياز سعودي للشعب القطري الشقيق، وتحييده عن الأزمة الحالية مع نظامه، وتعزيز الروابط الأخوية والتاريخية التي تجمع بينهما، وقطع الطريق على كل من يحاول الإساءة لهما، أو النيل منهما، حيث يبقى الشعبان السعودي والقطري على مسافة واحدة من التلاحم والمصير المشترك. اللقاء يكشف أيضاً عن تقدير الملك سلمان ونائبه للشيخ عبدالله آل ثاني، وقبول وساطته في تسهيل وصول الحجاج القطريين للديار المقدسة، وطلبه بإنشاء غرفة عمليات خاصة للتواصل مع الشعب القطري، وهو تأكيد آخر على أن المقاطعة مع نظام الدوحة وليس الشعب هناك. يبقى اللقاء منعطفاً مهماً في الأزمة القطرية؛ لسببين: (الأول) شخصية عبدالله آل ثاني التي تحظى بقبول شعبي قطري؛ فأبوه وجده وأخوه كانوا حكاماً لقطر قبل انقلاب جد تميم على نظام أخيه أحمد، فهو ليس بعيداً عن بيت الحكم، أو طارئاً عليه، بل هو سليل المجد أباً عن جد، و(الثاني) عدم استجابة نظام الدوحة لتغيير سلوكه، وتحقيق مطالب الدول الراعية لمكافحة الإرهاب، حيث بدا واضحاً أن هامش المناورة السياسية لديه يتنامى بعد تدويل الأزمة، واستدعاء قوات إقليمية لحمايته، وممارسة الكذب والتضليل الإعلامي لتغطية عجزه، وتسييس الحج، وتدويل الإشراف على الأماكن المقدسة، وكل ذلك مؤشرات على أن النظام لن يغيّر سلوكه، وموقفه من الأزمة، بل يستمر في مناوراته العبثية. المملكة منحت تميم فرصة للتغيير والعودة إلى الحضن الخليجي، ولكن الرجل المغلوب على أمره من "نظام الحمدين" لا يزال يكابر، رغم الأدلة الموثقة والمسجلة التي تثبت تورط قطر في دعم الإرهاب، وتمويله، وهو الأمر الذي لا يمكن السكوت عليه، أو تجاهله، أو التنازل عنه من دون ثمن تغيير السلوك أو تغيير النظام. المؤشرات أن الأزمة لن تطول، ولن تبقى معلقة من دون حل، أو متأرجحة بين وساطة كويتية لم تحرز تقدماً، وتحركات دولية لم تصل إلى نتيجة، حيث سيكون هناك سيناريو للأزمة يُعد للخلاص منها وليس التسوية بين أطرافها، وهذا السيناريو لن يكون منفرداً لدول الرباعية، بل سيكون محل قبول وتوافق مع دول أخرى مؤثرة دولياً. الرابح الأكبر من إنهاء الأزمة هو الشعب القطري الذي عانى كثيراً من سلوك نظامه،