جاء البيان مقروناً بالتنفيذ المباشر لمحتواه، بإعلان النيابة العامة إحالتها لبعض أصحاب الحسابات في تويتر إلى التحقيق، بسبب ما صدر عنهم من كلام يحمل مضامين تحرض على الكراهية، والعنصرية والطائفية تابع المجتمع السعودي خلال الفترة الماضية البيان الصادر عن معالي النائب العام في المملكة الشيخ سعود المعجب، الذي جاء في وقت الحاجة إليه ليؤسس لمرحلة جديدة بدأتها النيابة العامة بعد صدور الأمر الملكي الكريم مؤخراً بتعديل نظامها وتحويلها من هيئة التحقيق والادعاء العام إلى النيابة العامة، وارتباطها المباشر بالملك، لتدخل ضمن منظومة السلطة القضائية، وتستقل استقلالاً كاملاً عن إشراف أو تأثير السلطة التنفيذية. وفي تعليق يسير لي على حسابي في تويتر قلت: "البوادر تدل أن النيابة العامة اليوم ليست هي هيئة التحقيق والادعاء العام بالأمس، فقد بدأ يظهر أثر تغيير النظام وحسن اختيار النائب العام على الأداء" وذلك تعليقاً على البيان الصادر عن النائب العام، الذي أكد فيه بأن "أي مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع أياً كانت مادتها وذرائعها ووسائل نشرها فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة وفق نطاقها الولائي وبحسب المقتضى الشرعي والنظامي، ومن ذلك منشورات الوسائل الإعلامية ووسائط التواصل الاجتماعي والمحاضرات والخطب والكتب ونحوها". وقد جاء هذا البيان مقروناً بالتنفيذ المباشر لمحتواه، بإعلان النيابة العامة إحالتها لبعض أصحاب الحسابات في تويتر إلى التحقيق، بسبب ما صدر عنهم من كلام يحمل مضامين تحرض على الكراهية، والعنصرية والطائفية. لم يستغرق الوقت منذ تعديل نظام هيئة التحقيق والادعاء العام، وتحويلها إلى نيابة عامة، وتعيين معالي النائب العام الشيخ سعود المعجب، أقل من شهرين حتى بدأت المواجهة الحاسمة أمام سيل الخطاب التحريضي الطائفي والعنصري البغيض الذي كان المجتمع السعودي يعاني منه مؤخراً في السنوات الأخيرة، في ظل تعاظم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. وقد جاء في بيان النائب العام الاستناد إلى ما للنيابة العامة من ولاية عامة تخولها تحريك الدعاوى الجزائية في جميع الجرائم وفق المواد (13 15 17) من نظام الإجراءات الجزائية، وذلك حسبما يدركه المتخصصون من القانونيين لعدم وجود نصوص نظامية خاصة تعالج الجرائم والمخالفات المتعلقة بخطاب العنصرية والطائفية وبث الكراهية في المجتمع، إذ فشل مشروع النظام الذي سبق طرحه أمام مجلس الشورى حول (الوحدة الوطنية) وقد تناقلت وسائل الإعلام هذه الأيام أن مجلس الشورى بدأ في مناقشة مشروع لتجريم الكراهية والنعرات الطائفية قدمه ثلاثة عشر عضوا في المجلس. ومن المعلوم أن صدور مثل هذا النظام وإقراره سيدعم بشكل كبير الجهود التي تقوم بها النيابة العامة لملاحقة المخالفين من الساعين إلى نشر خطاب الكراهية والتحريض والعنصرية والطائفية، في تحديد صور هذه الجرائم، وتقنين عقوباتها الرادعة، وإسناد صلاحية الملاحقة القانونية فيها للنيابة العامة بنصوص مباشرة وصريحة. وما من شك أنه لا يوجد فراغ تشريعي في هذا الجانب في المملكة، في ظل تحكيمها لشريعة الله عز وجل الشاملة العامة، وفي ظل وجود الكثير من النصوص النظامية العامة التي تكفل التعامل مع كل ما يستجد من أحداث وأفعال؛ إلا أنه متى ما تحول فعلٌ من الأفعال إلى مصدر إزعاج وقلق، وبات يتكرر وقوعه وتتنوع ردود الأفعال الرسمية والشعبية تجاهه، فإن تأطيره بنصوص نظامية خاصة يكفل رفع كفاءة التعامل معه، ويقلل من الاجتهادات الخاطئة، ويذكّر الناس بوضوح أن هذا الفعل المقيت ملاحقٌ بنص القانون، وبحكم الشرع، فلا تبقى لأحد بعد ذلك حجة أو عذر. والحمد لله أولاً وآخرا.