راهنت رؤية المملكة العربية السعودية (2030) على مهارة أبناء الوطن وقدراتهم واعتبرتها من أهم الموارد وأكثرها قيمة، وستمضي قدمًا إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال تبنّي ثقافة الجزاء مقابل العمل، وإتاحة الفرص للجميع، وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكّنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم وغاياتهم، وستدعم الرؤية ذلك عن طريق تعزيز قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل متنوعة، كما ستفتح مسارات أخرى لاستقطاب الكفاءات والمواهب للعمل والإسهام في تنمية الاقتصاد. ولم تغفل الرؤية مواصلة تطوير منظومة الخدمات الاجتماعية لتكون أكثر كفاءة وتمكيناً وعدالة، والعمل مع القطاع غير الربحي وعبر الشراكة مع القطاع الخاص على توفير فرص تدريبية وتأهيلية لتمكين العاملين وطالبي العمل للالتحاق بسوق العمل أو تطوير قدراتهم وإمكاناتهم ليتبؤوا مناصب أعلى قيادية في مؤسساتهم وإداراتهم الحكومية أو القطاع الخاص. وتؤكد الرؤية (2030) على بناء قطاع أعمال يستشعر المسؤولية الاجتماعية كما يجب، ولا يكتفي بالوصول إلى الأرباح االمادية فحسب، بل يسهم في نهوض المجتمع وأبنائه ليقوم كل بدوره، وستسهم الرؤية (2030) في إيجاد بيئة خصبة تساعد على استدامة الاقتصاد الوطني، وتوجد فرص عمل مناسبة ومحفزة لأبنائنا، ليتمكنوا من بناء مستقبلهم المهني. من خلال دعم قطاع الأعمال القائم بمسؤوليته تجاه الوطن. ونظراً للأهمية الفائقة للموارد البشرية وقدرتها على المساهمة ايجابياً في تحقيق الأهداف, تولي الإدارة الاستراتيجية التي تسير نحو تحقيق أهداف وغايات رؤية المملكة (2030) اهتماماً بالغاً وعناية قصوى بالركيزة الأولى لنجاحها وهي الكوادر البشرية وسبل تنميتها وذلك يأتي من اعتقادها المبني على أساس علمي سليم أن الانسان لديه طاقات وقدرات ذهنية تفوق كثيراً ما يتم استغلاله أو الاستفادة منه فعلاً في مواقع العمل المختلفة, وأن الاستفادة القصوى من تلك القوة الذهنية هي المصدر الحقيقي لتمييز الإدارات وقدرتها على تحقيق إنجازات باهرة غير تقليدية ولذلك نجد المحور الأساسي هو إعطاء الفرصة للموارد البشرية, والاهتمام بها حتى تتمكن من تحويل مفهوم إدارة الأفراد إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية من خلال الربط بين إدارة الموارد البشرية وأهداف وغايات رؤية المملكة (2030) لتحسين أداء الإدارة ولتنمية بيئة ثقافية أكثر مرونة وقدرة على تبني السلوك الابتكاري. ومن وجهة نظر المختصين فإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية والتي تعمل وفق رؤية المملكة (2030) يجب عليها أن تضيف مهمتين هامتين وذات تأثير إيجابي على أداء الموظفين والعاملين في القاطعات المختلفة وبالتالي أداء الإدارة وهما تمكين الموظفين والاعتراف بمجهوداتهم ومساهماتهم وهذا ما يفتقدونه بعض القيادات التعليمية والإدارية والخدمية بالإضافة إلى ضعف إدراكهم للمرحلة الحالية والصعوبات والتحديات الاقتصادية والسياسية التي نمر فيها وعدم استشعارهم أهمية الحوافز والتي تعد من العناصر والمكونات الأساسية والمحورية في عالم الإدارة, وفن ومهارة يجب أن تدركها القيادات. فالحوافز توقظ الحماس والدافعية والرغبة في العمل لدى الفرد مما ينعكس إيجابيا على الأداء العام وزيادة الإنتاجية، كما أن الحوافز والمشجعات تساعد على تحقيق التفاعل بين الفرد والمنظمة وتدفع منسوبيها إلى العمل بكل ما يملكون من قوة لإخراج الطاقات الكامنة والكفاءة المهارية لديهم لتحقيق الأهداف المرسومة لهذه المؤسسات. ومن هنا ندعو المسؤولين والقيادات الإدارية على أن يكونوا على قدر الأمانة والمسؤولية والوطنية في وقف الهدر الإداري للمتميزين وعدم تجاهلهم وأن يستشعروا أهمية وجود المحفزات والمشجعات المادية والمعنوية لهم مع الاستمرار في تطوير مهاراتهم بالدورات التدريبية والدرجات العلمية لإطلاق الطاقات الكامنة لديهم وخلق بيئة محفزة على التطوير والابتكار. ولا شك فإن انطلاق "برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية" يأتي من حرص القيادة الرشيدة حفظها الله على رفع جودة أداء وإنتاجية الموارد البشرية بالمملكة، وتطوير قدراتها الوظيفية، وإعداد وبناء القادة. وفق أعلى المعايير والآليات العالمية لتنفيذ هذا البرنامج بما يحقق التوجهات والأهداف والتطلعات التي يتضمنها. والعمل على مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة واللوائح وتهيئة البيئة الادارية بالمملكة لتوفير القوى البشرية المؤهلة لأداء الاعمال المناطة بها وإعادة دراسة الهياكل التنظيمية والنماذج والإجراءات في الاجهزة الحكومية. ويتضمن البرنامج فرصاً للتدريب والتطوير الوظيفي للموظفين، وإدارة الأداء والتطوير، والتدريب والتوجيه، والدعم النفسي والوجداني، وإدارة المواهب، وتخطيط القوى العاملة، وتطوير القيادات. * ماجستير توجيه وإرشاد، مشرف تربوي في جامعة الإمام