حب القراءة والكتاب نعمة لكثير من الناس، لكن عشقهما لايحظى به إلا القليل. فإذا عشقت الكتاب واتخذته صديقاًِ، فاعلم أنك كسبت صديقاً عزيزاً. لا تتردد، افتح كتابك، تمتع واستفد بما فيه من أفكار ومعلومات، سافر على متن حروفه وكلماته، أمنحه وقتك، وسيأخذك إلى دنا واسعة وجميلة، إلى سفر ممتع ورائع.. والكتاب كما يقول الجاحظ: (وعاء مليء علماً، وظرف حيي ظرفاً.. والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والناصح الذي لا يستزيدك). وقراءة الكتب تختلف باختلاف موضوعاتها، وجودة ما تحتويه من أفكار ومعلومات. ولذلك يقول الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون: (بعض الكتب وجدت لكي تتذوق، وأخرى لكي تبتلع، وبعضها الآخر لكي يمضغ ويهضم. لهذا بعض الكتب تقرأ بعض أجزائها، وأخرى تقرأ لكن دون فضول، وبعضها الآخر يجب أن تقرأ كلها بعناية واهتمام). وبالطبع فإن الكتب تؤثر في حياتنا كما يقول المفكر الفرنسي جان جاك روسو في اعترافاته، يقول: (بفضل الكتب التي كنت أقرؤها، ملأت قلبي بمشاعر أنبل من تلك التي كان محيط حياتي يوحي لي بها). أما في أيامنا هذه، فالقليل من الناس هم أولئك الذين يتخذون الكتاب رفيقاً ويستمتعون بالقراءة كل يوم. والكتاب ليس رفيقاً تسهل صحبته، قد ترتبط بصداقة وثيقة مع بعض وسائل التواصل الاجتماعي، ويصعب مع ذلك الارتباط مع كتاب جميل.. للكتاب كبرياء وشموخ، لابد من التعرف عليه، ولن يسعى للتعرف عليك، ما لم تسع أنت إليه، وتطلب وده في كل حين. وكثير من الناس يعدون الكتاب شيئاً جامداً بلا روح او عاطفة، لكن الواقع يقول بأن الكتاب كائن حي بحروفه وكلماته وبأفكاره ومعلوماته. الكتاب كائن عاطفي لا يحتمل البعد أو الهجران. وعندما تعشقه لا يحب ان تهجره طويلاً، لأنه يحب أن يكون أثيراً ومقرباً لديك. ويستمد الكتاب قوته وعاطفته من كاتبه. فكلما كان الكاتب أو المؤلف قوي الحجة، متجدد الأفكار والمشاعر يصبح الكتاب بستاناً من الورود والأزهار اليانعة. وفي أيامنا هذه، غزت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا، وتلاشى كثيراً حب القراءة والكتاب بين الناس. أصبحت الفيس بوك وتويتر وسناب شات وغيرها تجذب الكثيرين، وسيطرت أقوال وأفعال وحياة المشاهير على أفكار وعقول كثير من الشباب ومحبي الظهور والشهرة. وعندما أفكر في الكتاب والقراءة أجد أن السفر له نصيب كبير في حياة من يعشق الكتاب والقراءة.. وأتذكر قول الشاعر العربي وأظنه ابن حجر رحمه الله: وإذا الديار تنكرت سافرت في طلب المعارف هاجراً لدياري وإذا أقمت فمؤنسي كتبي فلا انفك في الحالين عن أسفاري