لا أستبعد أن ينال الاكتتاب في أسهم أرامكو طلباً ضخماً داخلياً وخارجياً، وسيجذب الكثير من مدخرات المواطنين الذين استعد الكثير منهم لمثل ذلك الطرح في مسعى لعدم تفويته والحرص على اقتناصه. ما أود التركيز عليه في هذا الموضوع هو أن مثل ذلك الاكتتاب سيحدث تحولاً كبيراً في السوق المالية السعودية، وذلك من حيث توسيع قاعدة المستثمرين الذي من المتوقع أن تتجاوز أعدادهم ماذكرته آخر الإحصائيات المقدرة ب 4.61 مليون مستثمر،وأن يتجاوز ال5.5 مليون مستثمر،كما أنه سيوسع من عدد المحافظ الاستثمارية من 9.21 مليون محفظة استثمارية إلى أكثر من ذلك العدد بكثير، وذلك قياساً باكتتاب الأفراد السعوديين الذين لم يسبق لهم الاكتتاب أو افتتاح محافظ استثمارية وغالبيتهم من الشباب. أمام ذلك التوسع في أعداد المستثمرين وحجم المحافظ المتوقع أن يحدثه اكتتاب ارامكوا، فإنه لابد من الاستعداد لمواجهة ذلك بخطط توعية تركز على رفع مستوى الوعي وزيادة الثقافة الاستثمارية،لأنها الوعاء الحقيقي الذي تنهل منه الأسواق المالية استقرارها وابتعادها عن الاضطراب والانهيار. إن على هيئة السوق المالية مسئولية كبيرة في حث المؤسسات المالية المرخص لها من قبل الهيئة المزاولة لأعمال الأوراق المالية على القيام بدورها في ما يتعلق بتوعية المستثمرين ورفع الثقافة الاستثمارية لعملائهم، وذلك من خلال تبنيهم لإقامة الندوات المتعلقة بالتعامل مع الأسهم وأسواق المال. والمؤكد في نظري أن حث المؤسسات المالية وحده غير كاف، بل ينبغي إلزامهم للقيام بدورهم في تقديم تلك الورش والندوات، وذلك محاكاة لدور الوسطاء والمؤسسات المالية في الأسواق العالمية، كما أن على الهيئة أيضاً استشعار مسئوليتها في مراقبة المحتوى لكل ما يقدم في تلك الندوات وورش العمل، فقد يكون المحتوى غير مفيد للمستثمرين، وليس بذات قيمة ما لم يتم تقييم جودته التقييم المناسب. زيادة الوعي الاستثماري ورفع الثقافة في التعامل مع مخاطر الاستثمار في الأوراق المالية وطرق التعاطي مع الأسواق المالية هو ماينبغي أن يتحقق خلال الفترة الحالية والمقبلة،وما عرفته من شدة الحرص لدى معالي رئيس هيئة السوق المالية محمد القويز لدى لقائي به في وقت سابق هو ماسيقود لتحقيق ذلك الجانب المهم، الذي هو سبيل من ضمن السبل المساعدة في تحقيق الأهداف المطلوبة نحو بقاء السوق المالية مستمرة في الاستقرار وبعيدة عن الاضطراب.