تعامل بعض السياح مع آلة التصوير مثير للاستغراب، فتجد السائح منهم يلتقط كل ماتقع عليه عينه عندما يصل إلى المكان سواء كان ذلك بجهاز الجوال أم بآلة التصوير، بغض النظر أحيانا عن أهمية المنظر أوجماله، بل إن بعضهم لا يعطي نفسه فرصة مشاهدة المنظر الجميل بعينه المبصرة بدل عدسة الكاميرا وكأن الصورة هي الأهم مما هو أمام عينه حقيقة، وقد راقبت سائحة في إحدى المرات فرأيتها تمشي لفترة وعينها معلقة على عدسة الكاميرا وتأخذ صورا متتابعة على مدار الزمن لأوضاع بعضها يستحق وبعضها لا يستحق، ولهذا يتساءل البعض هل الهدف أخذ صور أثناء السفر ، أم أن السفر فرصة ووسيلة لأخذ صور وإرسالها للآخرين؟ وبالتالي هذا ما يحدد مدى تأثير التركيز على التصوير على متعة وتجربة السفر. أخذ لقطات لأماكن أو مواقف أو تجمعات أو أحداث أو مهرجانات خلال رحلة سياحية لا شك من الأمور المهمة واستعراضها بعد العودة أو بعد مرور زمن طويل ممتع لكثير منا لأنه يستحضر ذكرى أحبة وأصدقاء وأقرباء وأفراد من العائلة كانوا صغارا ثم كبروا، ويعيد لحظات وذكريات جميلة، ولكن لا يجدر ألا تطغى عملية التصوير وإشراك البعيدين بها على الاستمتاع وتقدير اللحظات السعيدة التي نعيشها أثناء السفر، كما أن المبالغة في تصوير المناظر الطبيعية مضيعة للوقت أحيانا خصوصا أن الانترنت يحتفظ بصور رائعة لتلك المناظر. أعرف أشخاصا قليلا ما يحرصون على أخذ الصور في السفر أو في المناسبات وأنا أتفق مع رأيهم أن أهمية المكان أو المناسبة لن تقل إذا لم توثق بصور، كما أن تجربتهم تثبت أنهم قليلا ما يعودون لتلك الصور بل أن منهم من لا يريد استرجاع فترات ماضية لأسباب خاصة به، وتبقى مسألة التصوير بالنهاية مرتبطة برأي الشخص ومنظوره، وكيفية فهمه وعيشه تجربة السفر وهو ما يختلف البشر فيه فالبعض يهتم بتكوين العلاقات أوالتعرف على عادات وحضارات مختلفة ،أو ممارسة أنواع من الرياضة، أوجمع التذكارات، والبعض الآخر يستمتع بتعلم لغة أو مفردات جديدة أو يتلذذ بتذوق أطعمة مختلفة، أو يكتب مذكرات حول رحلاته...وهكذا.