في 30 مايو 2016م أعلن الحكم السعودي مرعي عواجي اعتزاله التحكيم فضائيًا، وبعدها بثلاثة أيام كان الإنجليزي هاورد ويب مدير دائرة التحكيم يقدم مرعي لزملائه في ورشة العمل الشهرية مديرًا لتطوير التحكيم، وبعد ستة أشهر تقريبًا من هذا القرار كان السوبر مرعي يعقد اجتماعه الأول كرئيس مكلف للجنة الحكام إلى نهاية الموسم، قبل أن يعيد اتحاد القدم السعودي تشكيل لجانه في مايو الماضي، ويعود مرعي ليصبح عضوًا في لجنة الحكام التي تم تعيين الإنجليزي مارك كلاتنبرج رئيسًا لها!. الحقيقة أن مرعي لم يصبح مجرد عضو في هذه اللجنة، بل هو الرجل الثاني فيها بعد رئيسها الإنجليزي الذي سيكون متفرغًا لمحاولة تطوير الحكام وتدريبهم على أحدث التقنيات والتعديلات في عالم التحكيم، فيما سيظل مرعي المسؤول الأول عن بقية الملفات، وفي مقدمتها تكاليف الحكام وشؤونهم ولجان التحكيم الفرعية، بينما سيبقى محمد سعد بخيت كعادته مع كل اللجان السابقة المسؤول الأول عن استقبال الحكام المستجدين واختيارهم وتأسيسهم وتدريبهم وتقديمهم، وهو من ظل دائمًا على اختلاف لجان التحكيم وتغير تشكيلها مرارًا بمثابة المدير التنفيذي ل»مصنع» الحكام!. باستثناء اختيار الإنجليزي مارك كلاتنبرج رئيسًا للجنة الحكام؛ لم يتغير الكثير في آلية اختيار القادة المسؤولين عن علاج مشاكل التحكيم السعودي وتطويره، وإذا ما شاهدنا الطريقة والسرعة العجيبة التي تم فيها تحويل مرعي عواجي من حكم كان طيلة مسيرته التحكيمية بطلًا للعديد من الكوارث التحكيمية ومحل خلاف وجدل إلى مسؤول عن التحكيم السعودي وتطويره؛ أو إذا ما تأملنا في استمرار محمد سعد بخيت «عكوز بكوز» في لجان التحكيم المتعاقبة ومسؤولًا عن اكتشاف الحكام واختيارهم وتأسيسهم، رغم فشله الذريع والمستمر في هذه المهمة، ورغم تغير صناع القرار أنفسهم، فسنكتشف مدى المسافة الشاسعة بين حقيقة العلة والداء في واقع التحكيم السعودي وبين قدرة صناع القرار المتعاقبين على تحديدها فضلًا عن وصف العلاج الناجح والمناسب لها!. أمام هذا الواقع لن أكون بحاجة لتصديق ما تردد إعلاميًا عن الفوضى العارمة وحالة الضياع التي شهدها معسكر الحكام الخارجي في فالنسيا الإسبانية الذي كلف اتحاد القدم مليوني ريال، ولا لما شهدته الجولة الأولى من بطولة تبوك الودية من مستويات تحكيمية متواضعة لمواصلة حالة عدم التفاؤل بأي تغيير إيجابي في مستوى الحكام السعوديين هذا الموسم، ولا أظن أن الإنجليزي كلاتنبرج مهما امتلك من قدرات خارقة سيتمكن لوحده من تغيير هذا الواقع المرير، فالبلاء في التحكيم السعودي عميق، يتمثل في حرسه القديم وآلية اختيار قياداته ومستجديه، والعلاج يجب أن يكون جذريًا وحقيقيًا، بعيدًا عن الحلول الإعلامية والسطحية، وحتى ذلك الحين سيبقى التحكيم السعودي بين «مكانك سر» و «للخلف در»، وليس أمام المتضررين سوى اللجوء .. للحكم الأجنبي.