دائماً ما نشاهد حينما نسافر للخارج تلك العربات المتنقلة التى يتم الحصول من خلالها على الطعام والشراب، حيث تتميز هذه العربات بطعامها اللذيذ وابتكاراتها الجديدة والجميلة والمبدعة. وحينما بدأت تلك العربات بالانتشار في العديد من مدن المملكة، فرحنا كثيراً بها باعتبارها تجربة جديدة داخل مدننا وشوارع أحيائها. إلا أن هذه المشروعات من وجهة نظري قد فقدت الهدف الأساسي والرئيسي من نشأتها، وقد تكون قد وصلت إلى أنها أصبحت تمثل ضرراً وتهديداً للمشروعات الأخرى الحالية والمجتمع. فلو عدنا قليلاً للدوافع الرئيسية من وراء هذه المشروعات الصغيرة بالخارج، نجد أنها قامت على أساس مساعدة بعض الأسر المنتجة عن طريق تقديم خدمات مختلفة من أجل تحسين مداخيلهم بعيداً عن التكاليف الباهظة لتأسيس أي مشروع مماثل بالطرق المعروفة، وهو ما يساعد في تقديم خدمة جيدة ومميزة بالإضافة إلى أسعارها المناسبة والتي في الغالب أقل من أسعار المحلات العادية. كما أن مثل هذه المشروعات عادة ما تكون إما في أماكن يصعب من خلالها الوصول إلى المحلات العادية للحصول على الطعام والشراب، كأن تقام مثلاً خلال مهرجان أو مناسبة أو معارض معينة تقام خارج المدن الرئيسية، مثل تلك الاحتفالات ومهرجانات السيرك وملاهي الأطفال التي تجوب أرجاء أوروبا وأميركا خلال فترة الشتاء.. وقد يكون تواجد مثل هذه العربات في الأماكن التي يصعب فيها الحصول على الطعام والشراب طوال العام في مواقع معينة من المدينة، أو في فترات زمنية من اليوم التي تكون فيه المحلات مغلقة، كأن تمارس هذه العربات نشاطها بعد منتصف الليل. إلا أن عربات الطعام المتنقلة الحالية والمتوفرة تقريباً في العديد من مدن المملكة، فقدت الأهداف الرئيسية التي أسست لأجلها. فلقد أصبح من النادر أن أجد فيها من الأسر أو الشباب والشابات المنتجة، والتي بالأساس أسست لأجلهم لتحسين مداخيلهم، ولكي يكون هذا المشروع بداية لهم في حياة الأعمال والمشروعات الناجحة. كما أن أسعار مخرجاتها في الغالب باهظة جداً، مع العلم أن تلك العربات لا تتكبد أي تكاليف أخرى مثل إيجار وغيره، بل تجد أن أسعار المحلات العادية في بعض الأحيان أقل من العربات المتنقلة وبجودة أعلى. كما أن هذه المشروعات تجدها في الأماكن التي يتواجد فيها العديد من المطاعم والمحلات والتي تكبدت الكثير من التكاليف لبدء مشروعاتها، حيث أصبحت تمثل خطراً على تلك المشروعات المستقرة والمولدة للوظائف. والحقيقة أنني لا أعلم إن كان هناك إجراءات احترازية قد تم اتخاذها في حال وجود حالات من التسمم الغذائي، وكذلك متابعة تلك العربات المتنقلة من الناحية الصحية وجودة المخرجات المقدمة من قبل الأجهزة المعنية. ولعلي أريد إيصال رسالتي للمسؤولين من خلال هذا الطرح بضرورة اقتصار هذه المشروعات والعاملين بها على الأسر السعودية المنتجة ومحدودي الدخل من الشباب والشابات، مع ضرورة تثبيت مواقع تلك العربات، وفي حال رغبت العربة في الانتقال إلى موقع آخر، فلابد من أن يكون هذا التحرك معلوماً مسبقاً أو أن يكون هناك آلية للرصد المسبق من قبل البلدية التابعة، كأن يكون هناك جهاز تتبع مثلاً. وبالتالي، ستحقق هذه المشروعات الغرض الرئيسي من إنشائها وذلك بتسريع العديد من المشروعات الصغيرة الخاصة بالشباب والشابات، وبحيث تكون مشروعات كبرى يكون لها النفع على المجتمع.