نشرت كبرى المجلات الأميركية "الفورين بوليسي" قبل أيام مقالاً عن الأزمة القطرية سلط الضوء على استغلال قطر لقضية حقوق الإنسان للضرب بجاراتها "الدول الداعية لمكافحة الإرهاب" في واشنطن، متهمةً الدولة العربية بانتهاك حقوق الإنسان من خلال إجراءاتها. وقالت المجلة إن هذه الادعاءات لن تلقى آذاناً صاغية في واشنطن بسبب إطلاع الجميع على سجل قطر بالنسبة لحقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة وحق حرية التعبير فهي التي حكمت على شاعر بالسجن لمدة 15 عاماً بسبب قصيدة ألقاها، كما أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" درس إمكانية سحب تنظيم كأس العالم للعام 2022 من قطر بسبب معاملتها السيئة للعمالة المشرفة على التجهيز لفعاليات كأس العالم التي وصفتها تقارير الفيفابمعاملة أشبه بالعبودية. ومع ثبات الدول العربية وعلى رأسها المملكة في موقفها من مقاطعة قطر التي لا تبدي أي جدية أو نية للالتزام بشروط جيرانها، بدأ الخبراء الأميركيون والأروقة السياسية والإعلامية الأميركية تبحث في أبعاد مستقبل العلاقة الأميركية مع قطر في ظل نبذها من محيطها العربي والإسلامي، حيث كتبت تارا كوب في موقع "ميليتيري تايمز" وهي خبيرة في شؤون الدفاع الأميركي نقلاً عن المتحدث في البنتاغون الكابتن جيف دافيس: "قاعدة العديد لا تزال مفتوحة لكن الولاياتالمتحدة تحضرت وأصبحت تملك البديل في حال حدوث المزيد من التصعيد ضد قطر". كما كتب ايليوت باكير وهو محلل إستراتيجي أميركي في مجلة "الفيديراليست" أمس مقالاً مطولاً بعنوان "لماذا حان الوقت لإزالة القاعدة الأميركية من قطر"، حيث شرح باكير المخاطر المحدقة بالمصالح الأميركية إذا أبقت على القاعدة في هذا الوقت الذي فقدت فيه قطر هيبتها دولياً أكثر من أي وقت مضى. كما وضّح باكير للقارئ الأميركي أن قاعدة العديد تفيد الدوحة أكثر من الولاياتالمتحدة وخاصة في المرحلة الحالية التي تغيرت فيها إستراتيجية أميركا واختلفت عن أيام باراك أوباما الذي نأى بنفسه عن المنطقة، حيث تقوم رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط على تشجيع دول المنطقة على أخذ دور فعال في مكافحة الإرهاب والالتفاف حول قيادة المملكة، لذلك فإن إزالة القاعدة الأميركية من أكبر "مثيرة للشغب" في المنطقة كما وصفها الكاتب سيبرهن للشرق الأوسط أنها مرحلة جديدة من الحزم مع الإرهاب والشراكة مع المنطقة. ولا يستبعد الكاتب قيام ترمب بخطوة إزالة العديد من قطر لأنه أرسل عدة إشارات تنبئ بحدث من هذا النوع حيث اتهم الدوحة مباشرة بدعم الإرهاب كما قال "إنه لدينا أكثر من عشر أماكن نستطيع إقامة قاعدة فيها في المنطقة"، ويقترح الكاتب إمكانية إقامة قواعد بنفس قدرات قاعدة العديد بالبحرين أو الإمارات. ومن جملة ما نشره الإعلام الغربي حول قطر مفارقة مضحكة وهي سرد الهوفينغتون بوست الأميركية مقالاً مطولاً حول المأزق الذي أوقعت قطر نفسها فيه ووجوب تغيير سياساتها،بينما تذهب الهوفينغتون بوست العربية "مدفوعة الثمن من الدوحة" إلى اتخاذ موقف لصيق بموقف الحكومة القطرية وجماعة الإخوان. فقد قالت الهوفينغتون بوست الأميركية إن موقف أميركا العلني حيادي، أما تحت الطاولة فالخارجية والبيت الأبيض يضغطان باستمرار على قطر للقبول بشروط جيرانها. كما اتهم الكاتب وهو لوك كوفي "مدير السياسات الخارجية في معهد التراث" قطر بأنها أتعبت المنطقة من دعمها للإخوان وجماعات تلتقي مصالحها في نهاية المطاف مع مصالح إيران. وأضاف الكاتب: "شهدت بأم عيني دعم قطر لجماعات مشبوهة في ليبيا، كما لاحظنا إرسال قطر لعدد من قواتها إلى ليبيا لتدعم هذه المليشيات بأحدث الأسلحة في انتهاك صارخ لقوانين الأممالمتحدة التي تحرّم تسليح هذه الجماعات، كما اطلعت على تقارير خطيرة حين كنت مساعد وزير الدفاع البريطاني أكدت دعم قطر لجماعة (راف الله السحاتي) والتي تحولت فيما بعد لجماعة أنصار الشريعة الجماعة المسؤولة عن اغتيال السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة من مرافقيه"، مؤكداً أن الدوحة ما تزال تدعم مليشيات تمنع حدوث أي استقرار في ليبيا.