جربت الكثير من الدول العربية محاولة احتواء حزب الإخوان والتعايش معه كأمر واقع، لكنها في كل مرة تعض أصابع الندم والحسرة وتعود لتعويض السنوات التي خلالها تعرضت للخديعة من هذا الحزب الغادر الذي يتقلب حسب المنفعة المادية الصرفة التي تحفظ التفوق الأمني والاقتصادي للكيان الصهيوني، حيث يحافظ حزب الإخوان في كل دولة عربية على استنزاف القدرات الاقتصادية والأمنية في كل بلد يهدد أمن إسرائيل أو حتى يدعم القضية الفلسطينية مالياً أو سياسياً من خلال مجلس الأمن الدولي، لذلك كانت البداية مع مصر حيث كانت هي المستهدفة الأولى لانتشار خلايا هذا الحزب وتغلغلهم بشكل قوي داخل نسيج المجتمع المصري. نشرت صحيفة الأهرام عام 1954م على صفحتها الأولى خبراً عن غدر الإخوان لا يكاد يختلف عن أخبار هذه الأيام التي تنشرها الصحف عن أخبار الزعزعة الأمنية والكوارث الإرهابية التي يقوم بها هذا الحزب المسلح في الكثير من الدول العربية، تأملوا عنوان صحيفة الأهرام قبل أكثر من ثلاثة وستين عاماً (مؤامرة كبرى لإقصاء العهد الحاضر، يديرها الإخوان المسلمون مع رجال السفارة البريطانية في القاهرة)، ما زال هدف تنظيم الإخوان الدولي هو إقصاء العهد الحاضر لأي دولة عربية وليس مصر فقط، خنجر في خاصرة أي دولة عربية تريد أن تنمو وتتطور وتصبح ذات سيادة أكبر بين دول الشرق الأوسط، تنظيم يهدف لبقاء التفوق في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل أولاً ثم إيران، الذي يقرأ ويحلل تاريخ حزب الإخوان في كل دولة عربية يستطيع أن يرى بوضوح أن هذا الحزب يراد منه ذلك فقط لا غير، والدليل أنه فور استلام الحزب رئاسة مصر اتجه فوراً لبناء علاقة مع إيران مثلما اتجه الحزب الإخواني الحاكم في تركيا لبناء علاقة مع إسرائيل، الأخطر والأدهى من ذلك أن الانشقاقات التي تحدث داخل الحزب يجب الحذر منها والتعامل معها بأنها ذراع جديد للإخوان لفك الحصار عنهم وتخفيف الضغط وتشتيت الانتباه، كلما ضاق الخناق على الحزب وكاد أن ينكشف حدث انشقاق مدبر بين قياداته تصل أحيانا لتشكيل حزب مضاد، هذا الحزب المنشق أو المضاد يتسابق مع حزب الإخوان على نفس الهدف ونفس المصالح المشتركة. ستشاهدون خلال الأيام القادمة عندما يشتد الضغط على الحزب حدوث انشقاقات أو خلافات مزعومة هي ليست سوى مناورات ضمن أجندة عمل الحزب الإخواني الخبير في الغدر والخبث. الأفعى ستظل أفعى ولن يتغير طبعها إلى قيام الساعة، كذلك حزب «الخوّان» الإسلامي.