يستطيع من يرغب التعرف على تاريخ العرب أن يقرأ سيرتهم في آلاف الكتب، أو يطلع على ذلك في ملايين المواقع، وربما بإمكانه أن يشاهد ذلك عبر مسلسلات وأعمال تاريخية، ولكن أن يعيش تلك العصور التي رحلت من آلاف السنين لن تستطيع ذلك إلا في موقع واحد اليوم، وهو سوق عكاظ بمحافظة الطائف بإشراف من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والمقام من تاريخ 18 وحتى 28 شوال في مقر سوق عكاظ بالطائف. إن زائر سوق عكاظ اليوم يعيش تاريخ العرب منذ قبل الإسلام وحتى حضارتهم اليوم، فعند دخوله السوق وسيره على جادته سيلتقي مئات الشخصيات بأزياء تاريخية تمثل حقبة مضت من الزمن يرحبون بالزوار على طريقة العرب بسوق عكاظ. فسيلتقي ممن يرتدي البردة وآخر يرتدي عمامة وثالث بزي حارس ورابع بزي فارس، تتشكل الأزياء ويتنوع مكياج الممثلين ليوحي للزائر لقاءه بشخصيات سمع وقرأ عنها قبل آلاف السنين، لن يقتصر عيش عكاظ ال 450 ممثلاً في جنبات عكاظ. فهناك 35 خيالاً يجوبون جنبات سوق عكاظ على ظهور خيولهم وبزي الفرسان، وقوافل الإبل تسير في عكاظ تحكي حكايات تجارة مضت منذ عقود طويلة يركبها 45 هجاناً يجولون في السوق على مدار اليوم، هذه الأزياء تختلط بالعقال السعودي والجلابية المغربية والثوب العماني والإماراتي وبدلة المصري والأردني، جملة الأزياء يرتديها زوار عكاظ الذين حضروا من كافة الدول إضافة للمشاركين. إن زائر عكاظ لن يعيش تلك العصور في مشاهدة ممثلين يرتدون أزياء تمثل ذلك الزمان ولكنه يعيش حكايات عديدة عبر مسرحيات تقدم على جادة عكاظ فسيلتقي الفرزدق وجرير وسيشاهد مجلس عبدالملك بن مران، وسيلتقط صوراً لفرسان العرب يتبارزون في الميدان، وسيلتقي بحماة السوق يتجولون بطرقاته، وسيستمع إلى قصائد الفصحى وخطب متنوعة، وسيقرأ كثيراً من القصائد بداية من الملعقات التي وضع 70 معلقة بجنبات السوق وصخوراً خط عليها أبيات فطاحلة العرب، وسيشاهد بيوت الشعر ومضافات العرب. إن سوق عكاظ لم يكن فقط منتدى للشعر والشعراء وتحدي الفرسان فقد كان ساحة للتجارة والبيع والشراء والذي يقصده العرب لذلك، وسوق عكاظ اليوم لم يغفل ذلك فسيعيش الزائر هذه الحقبة بأشكال مختلفة وبحضارة العرب والسعوديين، حيث يشارك عدد كبير من الحرفيين والحرفيات على جنبات السوق يقدمون حرفهم التي كانت مصدر العيش في حقبة مضت من زمن سابق، هذا ينحت الحجر وذلك يرسم الخشب، وتلك تخيط القماش وهذه تنسج السجاد، وتلك تخبز الخبز، ويشارك عدد من حرفيي بلاد إسلامية متنوعة بالسوق، وسيرى مزادات تعلو بها أصوات المشترين. إن الثقافة التي تملأ عين الزائر في سوق عكاظ لا تتوقف ولا تنحصر فسيشاهد هذا يكتب الخط العربي بأشكال الخطوط المتنوعة وفنه المميز، وسيجد تلك ترسم لوحاتها منها بلون زيتي وأخرى بقلم رصاص، فالثقافات تختلط بعكاظ بين الأمس واليوم ويشاهد فن التصوير الفوتوغرافي لملامح السعودية الجميلة تعرض بطرقات عكاظ، ويستمتع بالعروض ثلاثية الأبعاد التي تقدم على 90 متراً، ويطلع على لوحة أرضية مساحتها تفوق 180 م، وسيحضر أمسيات ثقافية متنوعة. إن زائر عكاظ سيطلع على إرث سعودي وحاضر مشرق للمملكة في معارض مختلفة وسيشاهد عروضاً متنوعة للفرق الشعبية من شمال السعودية وحتى جنوبها، وسيشاهد عروض القوات المسلحة ويتعرف على عدد كبير من الجهات والوزارات، وسيطلع على شرف خدمة الحرمين الشريفين ويشرب ماء زمزم. حضور غفير للسوق يعكس شغف الزوار