يخطئ قادة قطر إن اعتقدوا بأن النظام السياسي الإيراني ينظر لهم باحترام وتقدير. ويتوهم قادة قطر إن ظنوا بأن النظام السياسي الإيراني يتعامل معهم على أساس الاحترام المتبادل بين الدول. ويكون من اللاعقلانية أن يتخيل قادة قطر بأن النظام السياسي الإيراني يرى في دولة قطر البديل المناسب لإقامة علاقات إيرانية-عربية. ويكون من الجنون أن يتصور قادة قطر بأن النظام السياسي الإيراني يثق بهم ويأمن جانبهم. لقد وجد النظام السياسي الإيراني في قادة قطر الأداة المناسبة لاختراق أمن دول مجلس التعاون وفي نفس الوقت لإضعاف الأمن القومي العربي. فقادة قطر لديهم أحلام كبيرة تتجاوز حدود العقل بتطلعهم لقيادة الأمة العربية وتمثيل الأمة الإسلامية وسعيهم المتواصل لزيادة نفوذهم في السياسة الدولية بشتى الطرق والوسائل والأساليب. هذه الأحلام الكبيرة والأوهام المتصاعدة استغلها النظام السياسي الإيراني ووظفها لخدمة مصالح الدولة الإيرانية وزيادة نفوذها الإقليمي. فإذا كان قادة قطر يتطلعون لقيادة الأمة العربية، فالإيرانيون أقسموا بأنهم سوف يساندونهم سياسياً وعسكرياً وإعلامياً. وإذا كان قادة قطر يتطلعون لقيادة وتمثيل العالم الإسلامي، فالإيرانيون عاهدوهم بأنهم سوف يؤيدونهم في قيادة وتمثيل العالم الإسلامي. وإذا كان قادة قطر يتطلعون لزيادة نفوذهم السياسي في المنطقة والعالم، فالإيرانيون قطعوا لهم الوعود بأنهم سوف يعترفون بهم كقادة في المنطقة والعالم. هكذا تصرف النظام السياسي الإيراني مع أحلام وأوهام قادة قطر بإعطائهم الوعود الكاذبة والتعهدات المضللة واللغة الدبلوماسية المخادعة التي ترضي أحلام وأوهام قادة قطر. من يشاهد الممارسات السياسية والأساليب الدبلوماسية لقادة قطر يدرك تماماً انهم الأكثر جهلاً والأقل معرفة والأضعف خبرة في إدارة شؤون هيئة صغيرة فكيف بإدارة دولة.. بهذه الطريقة المعهودة عن النظام السياسي الإيراني في التعامل مع الفرص المتاحة، استطاعوا توظيف قادة قطر لخدمة مصالح الدولة الإيرانية المتطلعة لمد نفوذها الإقليمي في منطقة الخليج العربي بشكل خاص وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. فإيران المتطلعة لمد نفوذها في منطقة الخليج العربي وجدت في قادة قطر نقطة البداية التي سوف تمكنها من تحقيق ذلك خاصة بعد فشلها المتواصل في زعزعة أمن وسلامة واستقرار دول مجلس التعاون. فكل الممارسات الإيرانية المتواصلة منذ وصول الخُميني للحكم عام 1979 لم تستطع أن تزعزع أمن واستقرار ووحدة صف دول مجلس التعاون على الرغم من الممارسات السياسية السلبية والتدخلات المتكررة في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون ودعم وتمويل ورعاية العناصر والجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية. فإذا كانت الخطط الإيرانية لم تنجح في اختراق أمن دول مجلس التعاون، فإن قادة قطر سوف يوفرون المعلومات المناسبة وبالطرق المضمونة وتمريرها لإيران لكي تتمكن من اختراق أمن دول مجلس التعاون. وإذا كانت الأساليب الإيرانية لم تستطع زعزعة أمن واستقرار دول مجلس التعاون، فإن قادة قطر سوف يسخرون كل إمكاناتهم السياسية والمالية والإعلامية لزعزعة أمن واستقرار دول مجلس التعاون. وإذا كانت التطلعات الإيرانية لم تنجح في إضعاف الأنظمة السياسية في دول مجلس التعاون، فإن قادة قطر سوف يستخدمون كل الأساليب غير الشرعية لإضعاف أنظمة دول مجلس التعاون. وإذا كانت الأحلام الإيرانية بالسيطرة على مقدسات المسلمين لم تقنع أحداً، فإن قادة قطر سوف يهيئون البيئة المناسبة التي تمكنهم من تحقيق هذه الأحلام بالسيطرة على مقدسات المسلمين. وإذا كانت أجهزة المخابرات الإيرانية لم تستطع الحصول على المعلومات السرية لاختراق أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون، فإن قادة قطر سوف ينقلون هذه المعلومات التي سوف يحصلون عليها في الاجتماعات المغلقة والسرية لاختراق أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون. هكذا تم توظيف قادة قطر لخدمة أجندة وأهداف النظام السياسي الإيراني الذي يتطلع لأن تكون إيران القوة الأكثر نفوذا سياسياً واقتصادياً وعسكريا وثقافياً في منطقة الخليج العربي بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وهكذا تم إيهام قادة قطر وإرضاء أحلامهم الكبيرة بأنهم سوف يكونون القادة الأكثر نفوذا والدولة الأقوى في المنطقة. هكذا قامت إيران بتسخير قادة قطر وجعلهم أداة لخدمة سياساتها، وهكذا توهم قادة قطر بأنهم وظفوا إيران لخدمة أحلامهم. هذا التبادل في التسخير والتوظيف السياسي المتبادل بين النظام السياسي الإيراني وقادة قطر تصاعدت وتيرته بعد إعلان الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب قطع علاقاتها مع قادة قطر. فبدلاً من أن يسعى قادة قطر للتواصل مع الدول العربية والعمل على معرفة الأسباب التي جعلت دولا عربية رئيسية تقطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية معهم، هرول قادة قطر باتجاه إيران المعزولة سياسياً من محيطها الجغرافي يطالبونها بتعزيز علاقاتهم السياسية معها. وبدلاً من أن يعلن قادة قطر تبرؤهم من دعم ورعاية وتمويل العناصر والجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية التي بسببها تم قطع العلاقات السياسية مع الدول العربية الرئيسية، أعلن قادة قطر عن رغبتهم في تعميق علاقاتهم السياسة مع إيران الدولة المصنفة بأنها الأولى في رعاية وتمويل ودعم التطرف والإرهاب على المستوى العالمي. وبدلاً من أن يقوم قادة قطر بإبعاد المرتزقة وتسليم العناصر الإرهابية المطلوبة دولياً لإثبات حسن النوايا، استخدم قادة قطر لغة التبرير التي يستخدمها النظام السياسي الإيراني ليتمكنوا من مواصلة أنشطتهم الهدامة والتخريبية في المنطقة. وفي الختام من الأهمية القول إن قادة قطر أثبتوا أنهم غير جديرين بتمثيل الشعب القطري وقيادة دولة قطر. فمن يشاهد الممارسات السياسية والأساليب الدبلوماسية لقادة قطر يدرك تماماً انهم الأكثر جهلاً والأقل معرفة والأضعف خبرة في إدارة شؤون هيئة صغيرة فكيف بإدارة دولة. هذا القول مبني على ما نشاهده من تصرفات سياسية غير محسوبة يقوم بها قادة قطر باتجاه التقارب مع النظام السياسي الإيراني. هذه التصرفات غير المحسوبة وغير المدروسة لقادة قطر لم تعِ الفارق الكبير جداً بين القدرات والإمكانات السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية والموارد الجغرافية والبشرية التي تتمتع بها دولة قطر وبين القدرات والإمكانات السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية والموارد الجغرافية والبشرية التي تملكها الدولة الإيرانية. فهذا التقارب الكبير الذي يقوم به قادة قطر تجاه إيران مع هذا الفارق الكبير جداً بين الدولتين في القدرات والإمكانات قد تكون له عواقب سلبية كبيرة جداً على مستقبل شعب ودولة قطر سياسياً واقتصادياً وأمنياً وثقافياً. فإدارة شؤون الدول سياسياً تتطلب ذكاءً سياسياً عميقاً يحفظ للدول سيادتها السياسية والاقتصادية والأمنية ويحمي ثقافتها وتراثها وتاريخها ويصون ويعزز كرامة شعبها. هذه المبادئ الأولية لم يعِها قادة قطر الذين سخرتهم إيران لخدمة سياساتها وأجندتها الهدامة والتخريبية في المنطقة. فهل بعد هذا يمكن الوثوق بهم؟ وهل بعد هذا تثق إيران بمن خدمها على حساب دينه وعروبته؟ وهل بعد هذا يمكن أن تثق الشعوب العربية والإسلامية بمن يتآمر على قومه ويخون العهود والمواثيق؟