أقرَّ الاتحاد السعودي لكرة القدم بالإجماع من دون أن يكون لواحد منهم وجهة نظر بعد حلّ لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين عقوباتٍ على لاعب وسط عوض بن خميس وعلى الهلال والنصر والوسيط واعتماد تجديد عقده مع النصر حسب المادة (34) بفقرتيها (12,1) من النظام الأساسي للاتحاد السعودي، هكذا علَّل المجلس. وانتُقِد المجلسُ في قراره بشأن العقوبات الواقعة على الناديين واللاعب والوسيط, من حيث قوتُها وخفتُها من دون أن يُلتفت إلى المادة المذكورة (34/1) التي بنى عليها قراره وصحة الاستناد إليها قانونياً؛ لأنه بالعودة إلى المادة المذكورة اتضح عدم سلامة إجراء المجلس في استصدار قراره من الناحية القانونية إذ إن المادة (34/1) نصت على أن لمجلس إدارة الاتحاد صلاحيات إصدار القرارات في جميع الحالات التي لا تقع ضمن صلاحيات الجمعية العمومية أو تلك التي لا تختص بها أي هيئة أخرى بموجب هذا النظام .....12 ضمان تطبيق النظام الأساسي, واتخاذ الوسائل التنفيذية اللازمة لتطبيقه فأوضحت الفقرة (1) من المادة (34) أن للمجلس الصلاحيات في أن يصدر القرارات في جميع الحالات إلا في حالتين الأولى التي تقع ضمن صلاحيات الجمعية العمومية والثانية التي يختص بها أي هيئة أخرى. وقضيةُ خميس داخلة في الحالة الثانية فيختصُّ بها هيئة أخرى والمجلسُ ليس بهيئة أخرى مختصة ولا في حكمها وإنما هو هيئة تنفيذية للاتحاد كما في "الفصل الأول: التعريفات" من النظام الأساسي للاتحاد السعودي والمادة (19/2) من النظام ذاتها. يفترض إحالتها إلى «الانضباط».. وما المقصود بالهيئة الأخرى؟ والمجلسُ إذاً خالَف المادة (34/1) مخالفةً صريحةً فتدخَّل وأدخلَ نفسه بصلاحياتٍ ليست من ضمن صلاحياته وإنما هي من صلاحيات هيئة أخرى واختصاصها وهذا يجرُّنا إلى التساؤل: ما المراد بهيئة أخرى"؛ إذ لم يوضح النظامُ الأساسي للاتحاد ومن قبله النظام الأُم النظام الأساسي ل"الفيفا" في مادته (34/12) بحسب اطلاعي المرادَ بهيئة أخرى (another body)، فهل يُراد بها أي لجنة من اللجان بشكل عام فتشمل اللجان القضائية الانضباط والأخلاق والقيم والاستئناف، ولجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وغرفة فض المنازعات أم يراد بها إحدى اللجان القضائية فقط ولا يتعدَّاها إلى غيرها من اللجان؟ الأمر يحتمل أن المراد ب"هيئة أخرى" هو إحدى اللجان القضائية لأن "الفيفا" في نظامه الأساسي ولوائحه فرَّق بين لفظ اللجنة: (committee) ولفظ الهيئة:(body), فقَصَرَ اللفظ الأول على اللجان غير القضائية وقَصَرَ اللفظ الثاني على اللجان القضائية, ممَّا قد يدل على أن المراد بهيئة أخرى: إحدى اللجان القضائية الثلاث ويحتمل أيضاً أن المراد بهيئة أخرى ما هو أعمّ من اللجان القضائية فتشمل غيرها من اللجان بدليل وجود بعض اللجان الأخرى المختصة في مجالها غير اللجان القضائية. فعلى الاحتمال الأول أن المراد بهيئة أخرى هو إحدى اللجان القضائية الانضباط والأخلاق والقيم والاستئناف يكون نظر لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين لقضية عوض خميس والبتّ فيها مباشرةً فيه مخالفة أيضاً للنظام الأساسي للاتحاد السعودي لأنها ليست من ضمن اللجان القضائية الثلاث. وعلى الاحتمال الآخر أن المراد بهيئة أخرى ما هو أعمّ من اللجان القضائية، فتشمل لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين، فإنه لا يحق أيضاً للجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين النظر في قضية عوض خميس والبتّ فيها لِما جاء صريحاً في المادة (23/2) من لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم بالاتحاد الدولي على أنه: (لا تملك لجنة أوضاع اللاعبين أي اختصاص للنظر في أي نزاع تعاقدي متضمِّن وسيطاً), فإذا وُجِد في أي نزاع تعاقدي وسيطٌ, فإنه لا يحق للجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين حينئذٍ النظر في النزاع والبتّ فيه, حسب ما دلَّت عليه لفظ: (involving) الواردة في المادة (23/2) من لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم الدولية والتي تعني في سياقها من المادة: "التضمُّن أو نحو هذا المعنى, ممَّا يعد جزءاً من الشيء بحيث لا يقبل الانفصال عنه ضرورةً أو نتيجةً". وعلى كل حال, فإن لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين بالاتحاد السعودي كان لزاماً عليها قانوناً - قبل أن تُحَلَّ - أن تحيل القضية برمتها إلى لجنة الانضباط بحكم الاختصاص, ولا يحق لها أن تبتّ في القضية. والحاصل: أن مجلس الإدارة ولجنة الاحتراف بقرارهم حين أصدرت العقوبات آنذاك - أي قبل حلِّها - قد خالفوا القوانين واللوائح الرياضية الدولية والمحلية ولم يراعيا ذلك في قضية عوض خميس. ولمِا أشير إليه ومن وجهة نظري القاصرة: أن قرار الاتحاد بشأن قضية عوض خميس غير منتجٍ لآثاره المترتبة عليه؛ لصدوره من غير ذي صفة قانونية لأن المجلس - كما سبق ذكره - هو الهيئة التنفيذية للاتحاد حسب ما ورد بالنظام الأساسي للاتحاد السعودي والقرار الصادر من الهيئة التنفيذية هو في حقيقته مجردُ قرار إداري أو في حكم القرار الإداري, والقرارُ الإداري - كما لا يخفى على المختصين - إذا صدر مخالفاً للقانون, فإنه من الناحية القانونية يُحكم عليه بالإلغاء؛ ولهذا فالحكم على قرار الهيئة التنفيذية (مجلس إدارة الاتحاد) بشأن قضية خميس بالإلغاء موافق لصحيح القانون وتعاد القضية برمتها - كأن شيئاً لم يحدث - إلى الاتحاد السعودي الذي يحيلها إلى لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وبدورها تحيلها إلى لجنة الانضباط بحكم الاختصاص؛ لتأخذ مجراها النظامي الصحيح, ثم إلى لجنة الاستئناف حال الاعتراض وآخراً إلى مركز التحكيم الرياضي السعودي حال الطعن في قرار لجنة الاستئناف، كل هذا وفق النظام الأساسي للاتحاد الدولي ولوائحه والنظام الأساسي للاتحاد السعودي ولوائحه والنظام الأساسي لمركز التحكيم الرياضي السعودي والقواعد الإجرائية للمركز. وبهذا الطريق الذي لو سلكته الهيئة التنفيذية للاتحاد "مجلس الإدارة" لَكان فيه ضمان تطبيق النظام الأساسي, واتخاذ الوسائل التنفيذية اللازمة لتطبيقه كما نصّت بذلك المادة (34/12) التي استند إليها المجلس لاستصدار قراره استناداً في غير محلّه.