شهدت السنوات القليلة الماضية تحولاً ضخماً في صناعة الأفلام على مستوى العالم، فاحتكار استديوهات الإنتاج العالمية الستة لامتلاكها ميزانيات ضخمة للإنتاج صاحبه بروز خدمات مشاهدة المحتوى المرئي مثل خدمة نيتفليكس وأمازون برايم فيديو. ولمن لا يعرف خدمة نيتفليكس وأمازون برايم فيديو، فهي شركات تقدم محتوى مرئياً من مسلسلات وأفلام سينمائية ووثائقية مقابل رسوم شهرية محدودة، ونجحت في جذب ملايين المشتركين، ف نيتفليكس لديها أكثر من 100 مليون مشترك يشاهدون مليارات الساعات من المحتوى المرئي شهرياً بينما أمازون برايم فيدوا لديها أكثر من 50 مليون مشترك شهرياً في الخدمة. نجاح خدمات الشركات السابقة الذكر في الاستحواذ على حصة سوقية كان لعدد من الأسباب، أهمها أنها لا تقوم بإنتاج المحتوى، وإنما تقوم بشرائه عبر منتجي الأفلام المستقلين، حيث إن منتجي الأفلام الشباب برعوا في إنتاج أفلام سينمائية منخفضة التكلفة مع المحافظة على نفس المواصفات الفنية والإعلامية التي تستخدمها استديوهات الإنتاج العملاقة والتي اعتادها المشاهد، وفي بعض الحالات يعمد بعض منتجي الأفلام على استخدام تجهيزات إعلامية لم تكن معدة في الأساس للإنتاج الإعلامي، وعلى سبيل المثال نجح المخرج ريكي فوشيم في إنتاج فيلم Uneasy Lies The Mind مدته 88 دقيقة، وتم تصويره بالكامل عبر هاتف آيفون 5 اس قبل عدة سنوات، حيث انتج الفيلم بميزانية 10 آلاف دولار فقط، وهذا المبلغ يعتبر زهيداً مقارنة بمدة الفيلم والميزانيات التي ترصد عادة لإنتاج الأفلام. ومن ناحية أخرى بدأت تظهر ظاهرة جديدة في إنتاج الأفلام منخفضة التكلفة وهي أن يلعب المخرج أكثر من دور في فريق الإنتاج، ومنهم على سبيل المثال المخرج العالمي ويرنر هيرزوغ والذي أخرج أفلام وثائقية بمساعدة زميلين فقط، حيث كان المخرج وكاتب السيناريو كذلك المصور، واشترك معه زميل في هندسة الصوت وآخر في المونتاج، ونجح في إنتاج فيلم وثائقي. أسوق المقدمة السابقة للحديث حول أهمية تطوير صناعة الفيلم السعودي، فالمطلوب اليوم دعم السينمائيين السعوديين على ثلاثة مستويات: مهارات الإنتاج السينمائي منخفض التكلفة عبر تصميم برامج متخصصة، وإطلاق مهرجانات سينمائية على المستوى العربي والإسلامي في المملكة، وكذلك دعم بث الإنتاج السينمائي السعودي على منصات المحتوى المرئي كنيتفليكس وأمازون برايم فيدو وغيرها، حيث إننا بحاجة إلى غزارة في الإنتاج المرئي السعودي لتأسيس اقتصاد ثقافي منتج لفرص العمل ولدعم قوتنا الناعمة على المستوى العربي والإسلامي والعالمي للتعريف بالمملكة وثقافتنا وقيمنا، وليس أقدر من الأفلام على إيصال رسالتنا للعالم بلغة العصر.