أسئلة كثيرة تطرح هذه الأيام عن الخطوات المقبلة التي يمكن للدول الداعية لمكافحة الإرهاب اتخاذها تجاه قطر بعد ردها السلبي على قائمة المطالب التي قُدمت إلى أمير دولة الكويت والذي حمل كل مؤشرات التعنت والمكابرة والإصرار على عرقلة أي جهد لحل الأزمة بدءاً من تسريبها إلى وسائل الإعلام فور تسلمها في تصرف يمثل استهتاراً بالأعراف والقواعد التي تحكم العلاقات بين الدول، وهو ما تغاضى عنه في سبيل تحقيق المصلحة الأهم في هذا التوقيت رمز خليجي كبير هو الشيخ صباح الأحمد الذي يمثل مدرسة في فنون الدبلوماسية وأصولها. الخيارات المتاحة أمام المملكة والإمارات والبحرين ومصر كثيرة وجميعها مشروعة وهو ما تدركه السلطات الحاكمة في الدوحة، وقبل سردها وتحليل آثارها من المهم طرح السؤال التالي: هل تعي قطر خطورة سياساتها؟ الإجابة عن هذا السؤال حتى الآن "لا"، فقد بدا للجميع أن قطر لا تزال في غيبوبتها منذ عشرين عاماً التي استفادت خلالها دولٌ ومنظمات إرهابية منها لتسحب من رصيدها ما تمول به أجنداتها التخريبية في المنطقة، قبل أن تضع تاجاً من ورق يرضي غرور نظام صور له أولئك الانتهازيون أن عاصمته (كعبة المضيوم)، وأن اسم أميره قد اقترن بالمجد! وقبل البحث عن حل لهذه المشكلة رأفة بقطر الكيان والشعب لا النظام الحاكم سيكون من المهم البدء في إفاقة المريض وإعادته للوعي، وهذا ما حرصت الدول الخليجية والعربية على فعله من خلال إجراءات لم تقتصر على أربع دول فقط، فقائمة نبذ سلوك الدوحة تشمل دولاً أخرى قطعت علاقاتها السياسية مع قطر في حين خفّضت أخرى مستوى تمثيلها الدبلوماسي، وهذه القائمة مرشحة للزيادة خاصة بعد الرد القطري الذي يمكن اختصاره في الرغبة بمواصلة دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتوفير الملاذ الآمن لكل خارج عن القانون. في العلاقات بين الدول هناك خطوط حمراء لا يمكن القبول بتجاوزها، وهذا ما يفسر حالة التعجب من مواصلة قطر لنهجها في القفز على الحقائق والمراوغة في التجاوب مع أمور لم يكن من المفترض أساساً أن تطرح فهي في حكم المسلمات لولا ذلك الفراغ الظاهر في عقلية السلطات القطرية الذي استوجب الحديث عنها كأسس للتعامل إذا ما رغبت الدوحة في الاصطفاف مجدداً إلى جانب شقيقاتها العواصم الخليجية والعربية. على المسؤولين عن القرار القطري سواءً في الداخل أو الخارج مراجعة الحسابات سريعاً والتوقف عن أداء دور أكبر من حجم الدولة وإمكانياتها التي يعرف الجميع ضآلتها، واستيعاب أن أمن الأوطان واستقرارها ليس مجالاً للتفاوض أو المساومة، وفهم رسالة الدول الأربع جيداً فهي لن تتهاون مطلقاً في الدفاع عن مقدراتها ومصائر شعوبها ولن تدخر جهداً في سبيل قطع أي يد تمتد إليها.