سلوك الإرهابيين والمجرمين متشابه سواء كانوا أفرادا أو كيانات أو حتى دول، محاصرة وتجفيف منابع الإرهاب يدفع بأهل الإرهاب ومموليه إلى إيجاد طرق بديله لاستمرارية تدفق الأموال للجماعات الإرهابية لتغذية التطرف وزعزعة استقرار الآمنين، الدور القطري المباشر في تمويل الإرهاب بشكل سافر وواضح وكذلك التوعد بتتبع وكشف حساب كل من تلقى أموال قطرية لتنفيذ أجندة دعائية أو أعمال إرهابية يدفع بدولة قطر وأدواتها إلى الحاجة لإيجاد آلية جديدة لإيصال هذه الاموال إلى مستحقيها من الإرهابيين والمؤلفة قلوبهم من المتعاطفين معهم. أقرب هذه البدائل هو استخدام ما يعرف بالعملة المشفرة الرقمية "البتكوين"، هذا النظام المالي الذي يمتاز بعدة خصائص تصب في مصلحة ممولي الإرهاب مثل اللامركزية والخصوصية وعدم التقيد بنظام بنكي أو قانون محلي، كذلك يسمح بتحويل الأموال بين الأطراف بكل حرية ودون شرط أو قيد ودون اعتبار لحدود جغرافية في وقت قصير جدا ودون الحاجة لوسيط مثل بنوك أو مؤسسات مالية. كما يمتاز بسهول الاستخدام والأمان الفائق وإمكانية تحويل قيمة العملة الرقمية الى عمله حقيقية في عدد من محالات الصرافة حيث وصل قيمة "البتكوين" الى ما يقارب عشرة آلاف ريال في اعلى مستوياته. التنبؤ بسلوك قطر لطريق العملة الافتراضية لتمويل الارهاب ليس بجديد أو غريب. فهذا هو شأن الإرهابيين والمجرمين والعصابات سواء في العالم الواقعي أو في العالم الافتراضي. عدد من العمليات الإرهابية وعلى سبيل المثال هجمات باريس في عام 2015 كانت بتمويل حصل جزء منه من خلال العملة الافتراضية "البتكوين". العصابات الإلكترونية وصناع الفيروسات يلجؤون للعملة الافتراضية المشفرة لجمع الاموال كما رأينا ما حصل في فيروس الفدية مؤخرا. الصفقات الممنوعة وغير الشرعية مثل المخدرات والأسلحة عبر ما يسمى "الانترنت المظلم" يكون الدفع فيه عبر "البتكوين" في غالبا الاوقات. تساعد هذه التقنية كذلك الى سهولة وسرية عمليات تجمع التبرعات غير المشرعة بعيدا عن الاجهزة الرقابية. الجهود الأمريكية في مكافحة تمويل الإرهاب عبر العملات المشفرة كانت حاضرة عبر القانون المقترح المسمى بقانون مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الاموال والتزوير. يعمل هذا القانون على وضع تشريعات لتداول العملة الافتراضية وتشريعات على أماكن الصرافة الخاصة بها، وكذلك مطالب بالإفصاح عن أي ممتلكات من هذه العملة لمن أراد دخول البلاد وتوعدت بعقوبات تصل الى عشر سنوات لمن يخالف هذه القوانين. مشروع سقيا شر وبلاء وهدم، مشروع قطري استراتيجي وهي على موعد مستمر مع أفواه متعطشة للإرهاب والقلاقل وعدم الاستقرار، وهذا لا يكون الا بدعم مادي. جهود الدول المقاطعة في فضح ومكافحة هذا التمويل كفيل بتغير اتجاه بوصلة السلوك الإرهابي القطري الى تقنيات تسهم في تحقيق هذه الأهداف. والجهود الوقائية من دول المقاطعة مستمرة في كل الميادين ولذا هي امام إجراءات قانونية وتقنية مشتركة لسد باب الشرور القادم من قطر. * أكاديمي مختص في تقنية المعلومات